في واقعة أثارت صدمة في أوساط المشاركين والمتابعين، أعلن القائمون على "أسطول الصمود المصري" فقدان التواصل مع الشخص الذي أكد سابقًا مسؤوليته عن أحد المراكب المشاركة في الإبحار نحو غزة. المفارقة أن الانقطاع جاء بعد نشر صور وتفاصيل المركب بموافقة مسبقة من صاحبه، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان ما جرى مجرد سوء تفاهم، أم أن وراءه رسالة مقصودة لترهيب المبادرين بكسر الحصار عن غزة.

 

بيان رسمي يكشف الانقطاع

اللجنة المنظمة قالت في بيانها: "يُعلن أسطول الصمود المصري عن انقطاع التواصل مع المسؤول عن اتفاق مركب (إيبيزا)، حيث وقع هذا الانقطاع عقب نشر اللجنة صورًا وتفاصيل تتعلق باسم المركب، وذلك بعد موافقة الشخص ذاته خلال مقابلة مع أعضاء لجنة الأسطول". هذا التوقف المفاجئ فتح الباب على مصراعيه للتكهنات، إذ رأى البعض أنه ربما كان نتيجة ضغوط مباشرة مورست على المالك لإجباره على التراجع.

 

أصوات غاضبة: صدفة أم ترهيب؟

الغضب الشعبي تجلى في تصريحات ومواقف داعمين للأسطول. حساب "جوار غزة" كتب: "حتى المبادرة الوحيدة التي تحركت — أسطول الصمود المصري — المركب الوحيد المتاح... اختفى صاحبه. هل هذا صدفة؟ أم امتداد لمنع كل محاولة حقيقية لنصرة غزة؟"، مضيفًا أن النظام قد يكون جزءًا من منع أي تحرك مستقل نحو كسر الحصار. هذه اللغة الحادة عكست إدراكًا عامًا بأن ما يحدث قد لا ينفصل عن سياسات رسمية تهدف لإبقاء المبادرات الشعبية تحت السيطرة.

 

تضارب مريب في هوية المالك

ممدوح جمال، مسؤول اللجنة القانونية، أوضح أن الشخص الذي تواصل بداية مع أعضاء اللجنة وأكد ملكيته للمركب أبدى استعدادًا كاملًا ووافق على تحرير عقد إيجار. لكن سرعان ما اختفى دون مبرر، ليظهر مقطع مصور لشخص آخر يدعي ملكية المركب وينفي أي علاقة له بالأسطول. ثم اكتشفت اللجنة أن المالك الحقيقي طرف ثالث لا علاقة له بالاثنين. هذا التضارب دفع كثيرين إلى الاعتقاد بأن القضية أكبر من مجرد "سمسرة" وأن هناك محاولات متعمدة لخلط الأوراق وإرباك التحضيرات.

 

تداعيات خطيرة على التحضيرات

التعثر الحالي يهدد بعرقلة الجدول الزمني لأسطول الصمود المصري، الذي كان يعوّل على مشاركة قوارب محلية في الإبحار جنبًا إلى جنب مع الأسطول العالمي. ومع أن القائمين ما زالوا مصرّين على استكمال الخطوات، إلا أن ما جرى ألقى بظلال ثقيلة من الشك على مصداقية بعض الشركاء، وفتح الباب أمام فرضية أن تكون الضغوط السياسية أو الأمنية هي السبب وراء تراجع المالك المفترض.

 

دعوة للتحدي والمواصلة

اللجنة المنظمة لم تستسلم للانتكاسة، بل أطلقت دعوة جديدة إلى أصحاب المراكب والمواطنين للمساهمة عبر التبرع أو التأجير، مؤكدة أن فشل الاتفاق مع مركب واحد لن يوقف مسيرة الأسطول. الرسالة كانت واضحة: "المعركة ليست معركة مراكب، بل معركة إرادات".

 

السياق السياسي الأوسع

التوقيت الحساس يجعل كثيرين يربطون بين ما جرى وبين محاولات النظام المصري لاحتواء المبادرات الشعبية حتى لا تتحول إلى أداة ضغط خارج سيطرته. فالمشاركة في "أسطول الصمود" لا تحمل فقط بعدًا إنسانيًا، بل تمثل أيضًا رسالة سياسية قوية ضد الحصار الإسرائيلي على غزة، وهو ما قد لا ترغب السلطات في أن يخرج من رحم مبادرات مستقلة.

وختاما يبقى السؤال معلقًا: هل اختفاء صاحب مركب قافلة الصمود المصري مجرد ارتباك عابر أم أنه رسالة ترهيب مقصودة من النظام لكل من يفكر في تحدي الخطوط الحمراء؟ ما هو مؤكد أن اللجنة المنظمة لم تفقد الأمل، وأن الدعوات الشعبية ما زالت تتصاعد لدعم الأسطول، حتى ولو كان الثمن مواجهة عراقيل وضغوط مستمرة. ففي النهاية، كما يردد أنصار الأسطول: "كسر الحصار لا يحتاج إذنًا من أحد".