تشهد محافظة الإسكندرية منذ أيام حالة من الجدل المجتمعي المتصاعد، بعد تداول صور ومقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر قيام الأجهزة المحلية، بالتعاون مع شركات مقاولات، بقطع أشجار تاريخية تمتد على طول شارعي الحرية وأبي قير.

وتبرر السلطات هذه الخطوة بأنها جزء من خطة شاملة لتطوير ترام الرمل، غير أن ناشطين وأهالي المدينة الساحلية يرونها "تهديداً مباشراً" لهوية الإسكندرية البيئية والعمرانية، إذ إن تلك الأشجار تعود لعقود طويلة وكانت تُعد بمثابة "رئة وسط البلد".

الانتقادات لم تتوقف عند البُعد البيئي، بل تجاوزته إلى مخاوف من "طمس الطابع التاريخي" لأحياء مثل الشاطبي والأزاريطة وشامبليون، في مقابل إقامة جسور خرسانية ستغيّر ملامح المدينة، بحسب وصف المنتقدين.

وشبّه هؤلاء ما يحدث بمحاولات طمس الترام التاريخي الممتد منذ أكثر من قرن، مؤكدين أن دولاً كبرى مثل إسطنبول وفيينا وبرشلونة حافظت على الترام كرمز حضاري وسياحي، بينما الإسكندرية "تخاطر بفقدان تراث عمره مئة عام".

تحت وسم "#لا_لقطع_الأشجار"، عبّر مئات من النشطاء عن غضبهم، حيث طالبت المواطنة سوسن عبد المنعم الحكومة بوقف الإزالة وتوفير بدائل داعمة للنقل العام دون المساس بالمساحات الخضراء.

فيما اتهمت إيمان عقل المسؤولين بتنفيذ خطط مسبقة لإقامة جسور تجارية تزيد من الزحام وتشوه جمال الأحياء. وانتشرت دعوات واسعة لتبني حلول وسطية تُوازن بين التطوير والحفاظ على التراث البيئي والمعماري.

في المقابل، أصدرت محافظة الإسكندرية بياناً أوضحت فيه أن ما يجري يندرج ضمن توسعة الطرق الموازية لمشروع تطوير الترام، مؤكدة التزامها بإعادة غرس أشجار بديلة في مناطق أخرى.

وأشارت إلى أن المشروع يهدف لتحسين خدمات النقل الجماعي وتقليل زمن الرحلة بين شرق المدينة ووسطها.

كما أعلنت الهيئة القومية للأنفاق توقيع عقد مع تحالف "المقاولون العرب" و"حسن علام للإنشاءات" لتنفيذ البنية الأساسية لمشروع ترام الرمل، الذي سيمتد لمسافة 13.2 كيلومتراً ويشمل 24 محطة، بينها مسارات سطحية وعلوية ونفقية.

ووفق بيان وزارة النقل، سيخفض المشروع زمن الرحلة من 60 إلى 35 دقيقة، ويزيد الطاقة الاستيعابية إلى نحو 14 ألف راكب في الساعة بكل اتجاه. كما تم التعاقد مع "هيونداي روتيم" الكورية لتصنيع 30 وحدة ترام جديدة، في إطار توجه الدولة نحو النقل الأخضر.

رغم هذه التوضيحات الرسمية، لا تزال المخاوف قائمة لدى شريحة واسعة من أهالي الإسكندرية، ممن يرون أن التطوير لا ينبغي أن يأتي على حساب التراث الطبيعي والمعماري للمدينة.

https://www.facebook.com/watch/?v=681652270886931