وسط أزمةِ ديونٍ خانقة تعصف بالاقتصاد المصري، خرج رجل الأعمال نجيب ساويرس بمقترح أثارَ جدلًا واسعًا، دعا فيه إلى بيع أصول الدولة، وخاصة الأراضي والعقارات، لسدادِ جزءٍ من الديون الخارجية.

هذا الطرح ليس جديدًا، بل هو تكرار مباشر لسياسات العسكر التي قامت على الاقتراض المفرط والتفريط في الثروة الوطنية، مقابل حلول مؤقتة سرعان ما تتحول إلى أزماتٍ أشد.
 

بيع الأصول: رهن مصر للأجنبي
المقترح الذي قدّمه ساويرس بدا للبعض كأنه خطة إنقاذ، لكنه في نظر خبراء اقتصاديين وطنيين، ما هو إلا وصفة جاهزة لتصفية الاقتصاد المصري على المدى الطويل.

الخطورة الكبرى في خطة ساويرس أنها تعتمد على بيع أصول استراتيجية مملوكة للشعب إلى مستثمرين أجانب مقابل سيولة مؤقتة.
هذا يعني أن:

  • مصر تفقد السيطرة على مواردها ومقدراتها.
  • تُحرَم الأجيال القادمة من عوائد هذه الأصول.
  • تتحول الدولة إلى مجرد "وسيط بيع" لا يملك إلا الأرض والعقار.

الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي حذّر صراحةً من أن بيع الأصول لن يؤدي إلا إلى "نتائج سلبية طويلة الأمد"، مؤكدًا أن هذه السياسة تجعل مصر أكثر تبعيةً للخارج، وتفقد استقلالها الاقتصادي.
 

سياسات العسكر… تتكرر!
منذ سنوات، اعتمدت السلطة الحاكمة على المشاريع العقارية الضخمة الممولة بالديون، وعلى بيع الأراضي والعقارات كمورد أساسي.
النتيجة اليوم:

  • تضخم الديون.
  • انهيار قيمة الجنيه.
  • تفاقم الفجوة الاجتماعية.

خطة ساويرس لا تختلف في جوهرها عن هذه السياسات، بل تمثل استمرارًا لها.
إنها نسخة مطورة من الفشل نفسه، إذ يتم التعامل مع الاقتصاد وكأنه "كراسة حسابات" يمكن موازنتها عبر البيع السريع، وليس منظومة إنتاج تحتاج إلى تنمية حقيقية.
 

بيع الثروة لا يصنع اقتصادًا

  • زياد بهاء الدين (نائب رئيس وزراء سابق): شدد على أن بيع الأصول بشكل سريع وغير مدروس، يهدد بخسارة قيمتها الحقيقية، ويحرم الدولة من موارد مستقبلية ثابتة. وهو ما يعني أن الحلول المؤقتة ستُولِّد أزماتٍ أشد خطورة.
  • هاني توفيق (خبير اقتصادي): انتقد الاعتماد على العقارات والخصخصة المفرطة، مؤكدًا أن الحلول تكمن في تنشيط الإنتاج والصادرات، لا في التفريط بأصول الشعب.
  • عبد الحافظ الصاوي: أوضح أن الرهان على بيع الأصول ليس إصلاحًا، بل هو تفريطٌ في السيادةِ الاقتصادية وفتح الباب أمام الشركات الأجنبية للسيطرة على القطاعات الحيوية.

 

ضياع حقوق المواطنين
بيع الأصول لا يهدد فقط الاقتصاد الكلي، بل يضرب في صميم حقوق المواطنين:

  • الأصول المملوكة للدولة هي ملك عام للشعب، وبيعها دون استفتاء أو نقاش شعبي هو انتهاك مباشر لهذه الحقوق.
  • الصفقات غالبًا تجري في أجواء غامضة وبعيدًا عن الشفافية، مما يفتح الباب أمام الفساد والمحسوبية.
  • المواطن لا يلمس أيّ عائد مباشر من هذه المبيعات، بل يتحمل في النهاية نتائج فقدان الدولة لثروتها.

 

الاستهانة بالحلول الحقيقية
بدلًا من تقديم حلول جذرية مثل:

  • دعم الصناعة الوطنية.
  • تعزيز الزراعة والإنتاج الغذائي.
  • تحفيز التصدير.
  • الحد من الاستيراد غير الضروري.

تتجه النخبة الاقتصادية المقرّبة من السلطة إلى الحل الأسهل: البيع.
هذه الاستهانة بجدية الأزمة لا تمثل سوى محاولة لإطالة عمر النظام الاقتصادي الحالي دون علاج حقيقي.
 

وصفة للانهيار
خطة نجيب ساويرس لبيع الأصول ليست مجرد رؤية اقتصادية مثيرة للجدل، بل هي خطة مدمرة ستؤدي إلى:

  • رهن مصر للمستثمر الأجنبي.
  • ضياع ثروات الأجيال القادمة.
  • تكريس الفشل الاقتصادي الذي بدأته سياسات العسكر.

الخبراء يجمعون على أن بيع الأصول لا يبني اقتصادًا، بل يهدم ما تبقى من استقلاله.
ومصر، التي تملك تاريخًا طويلًا من الثروات والموارد، لا تحتاج إلى تصفية مقدراتها، بل إلى إرادة سياسية جادة في الإصلاح، وبناء اقتصاد إنتاجي يضع المواطن، لا المستثمر الأجنبي، في قلب المعادلة.