في تطور خطير يعكس تصاعد التوتر الإقليمي، دخلت القاهرة بقوة على خط الأزمة التي فجّرها العدوان الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة، والذي استهدف قيادات في حركة حماس وأسفر عن سقوط شهداء بينهم مقربون من القيادي خليل الحية.
مصر لم تكتفِ بالإدانة، بل وجّهت عبر واشنطن رسالة تحذير مباشرة إلى تل أبيب، أكدت فيها أن أي محاولة لاستهداف أراضيها ستكون لها "عواقب كارثية"، في موقف يؤكد حساسية اللحظة ودلالاتها السياسية والأمنية.
تحذير مصري عبر واشنطن
أفادت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن القاهرة بعثت برسالة واضحة إلى الولايات المتحدة، جاء فيها أن تكرار سيناريو الدوحة على الأراضي المصرية لن يكون مقبولًا، وأن عواقبه ستكون وخيمة.
مسؤول مصري – لم يُذكر اسمه – شدد على أن بلاده تعتبر أي استهداف إسرائيلي محتمل داخل حدودها "تجاوزًا للخطوط الحمراء".
هذا الموقف يعكس مخاوف القاهرة من تمدد سياسة الاغتيالات الإسرائيلية إلى محيطها الجغرافي، في وقت حساس يتسم بتعقّد الأوضاع في غزة والمنطقة.
تفاصيل الهجوم على الدوحة
الغارة الإسرائيلية استهدفت فيلا بالعاصمة القطرية كان يتواجد فيها وفد من قيادات حماس. ورغم تدمير أجزاء واسعة من المبنى، فقد نجا القيادي خليل الحية بأعجوبة، فيما استشهد مدير مكتبه جهاد لبد ونجله همام، إلى جانب ثلاثة مرافقين هم: عبد الله عبد الواحد، مؤمن حسونة، وأحمد المملوك.
القناة 12 الإسرائيلية اعتبرت نجاتهم "لغزًا غامضًا"، ونقلت عن مسؤول أمني قوله: "كأن الأرض ابتلعتهم، لا أحد يعلم عنهم شيئًا". أما قطر، فقد أدانت الهجوم بشدة وأكدت في بيان رسمي أنها تحتفظ بحق الرد على هذا العدوان الذي استهدف سيادتها وأوقع شهداء من قوى الأمن الداخلي.
الموقف المصري والإقليمي من العدوان
وفقًا لتقارير عربية وإسرائيلية، منها موقع القاهرة 24، وصفت مصر الغارة بأنها "عدوان سافر وخرق فاضح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة"، وأكدت تضامنها الكامل مع الدوحة قيادة وحكومة وشعبًا.
مصادر دبلوماسية مصرية كشفت لصحيفة الأخبار اللبنانية أن استهداف قطر جاء بعد فشل إسرائيل في محاولة تنفيذ عملية مشابهة بتركيا، خشية الدخول في مواجهة مع الناتو.
وأشارت المصادر إلى أن قنوات الاتصال بين القاهرة وتل أبيب تراجعت إلى أدنى مستوياتها، مقتصرة على ما يتعلق باتفاقية كامب ديفيد، فيما ركّزت القاهرة محادثاتها مع واشنطن على مسار التهدئة في غزة، دون تحقيق أي تقدم ملموس نتيجة رفض إسرائيل تقديم اعتذار رسمي.
تصاعد التوتر حول المساعدات والوساطة المصرية
التصعيد لم يتوقف عند حدود الهجوم، بل امتد إلى ملف المساعدات الإنسانية. فقد اتهمت القاهرة إسرائيل بعرقلة مرور الشاحنات المصرية إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، من خلال فرض قيود على الأنواع والكميات المسموح بها.
في المقابل.
كما أكدت القاهرة أنها لن تتردد في استقبال قيادات حماس والفصائل الفلسطينية على أراضيها وتوفير الحماية الكاملة لهم، في رسالة واضحة إلى تل أبيب بأن أي محاولة لاستهدافهم داخل مصر ستقابل برد "كارثي".
ويأتي هذا الموقف في إطار دور مصر المتواصل منذ نحو عامين كوسيط رئيسي بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، حيث تستضيف اجتماعات دورية لقادة الفصائل بهدف بحث سبل وقف حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة وإعادة إحياء مسار التهدئة
الهجوم الإسرائيلي على الدوحة لم يشعل أزمة مع قطر وحدها، بل أدخل مصر أيضًا في مواجهة دبلوماسية مفتوحة مع تل أبيب. فبين تحذيرات القاهرة الصارمة، وإصرار إسرائيل على نهج التصعيد، تتزايد المخاوف من توسع دائرة الصراع إلى دول عربية أخرى، ما يضع المنطقة أمام احتمالات خطيرة قد تعيد رسم ملامح الأمن الإقليمي في المرحلة المقبلة.