تصاعد الغضب الشعبي في مصر بعد الإعلان عن وصول الضرائب والجمارك المفروضة على الهواتف المحمولة إلى 52%، في خطوة وصفها نشطاء بأنها استمرار لنهج الحكومة في استنزاف جيوب المواطنين عبر سياسات جباية غير مبررة.
ويؤكد الغاضبون أن هذه السياسة ليست إلا امتدادًا لما حدث سابقًا مع سوق السيارات، حيث فُرضت رسوم وجمارك باهظة جعلت أسعار السيارات الشعبية بعيدة عن متناول المواطن العادي، بينما تُركت السيارات الفاخرة معفاة أو شبه معفاة ليستمتع بها الأثرياء.
نشطاء: "قطاع طرق وليسوا حكومة"
النشطاء شنوا حملة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم للقرار.
كتب أحدهم: "عايزين يعملوا نفس اللي عملوه في العربيات، ضرايب عالية على الموتور 2000 CC تخلي سعرها أضعاف الحقيقي، عشان الشعب يفضل راكب عربيات محدودة، وهما يركبوا الغالي من غير ضرائب وعلى حساب الشعب".
بينما علّق آخر: "دي مش حكومة.. دي بقت زي قطاع الطرق"، في إشارة إلى أن الدولة تحولت إلى جهة تجبي الأموال بلا أي مقابل خدمات أو رؤية اقتصادية حقيقية.
فكتبت الناشطة رانيا الخطيب " بيعملوا نفس اللي عملوه في العربيات ضرايب عالية اوي على الموتور ال 2000 CC توصل لأضعاف سعرها عشان الشعب يفضل راكب عربيات محدودة وهما اللي يركبوا الغالي اوي معفي من الضرايب وعلى حساب الشعب دي مش حكومة ده بقوا زي قطاع الطرق".
https://x.com/ElkhateebRania/status/1965837719290130528
وأشار د.وكيل " مش بس العربيات ٢٠٠٠ CC حتي العربيات الأقل جماركها كتير وأصبحت العربيات الصغيرة تصل الي مليون جنيه. -العربيات الغالية بتروح لأصحاب الحظ السعيد من أصحاب السلطة والسياسة(ضابط-قاضي-عضو مجلس شعب-----) بأسعار أصغر عربية من باب عربيات المعاقين(بدون جمارك) ده أكبر باب فساد في العربيات.".
https://x.com/Wak75053Wakeel/status/1965875421012250751
وسخر حساب الطبيعة " 150 الف جنية كانوا بيجيبوا تويوتا كورولا موديل 2006 زيرو مش موبايل ههههه
https://x.com/canadanorway999/status/1965863420852633742
وقال إيهاب " فتش عن الوكيل والسبوبة".
https://x.com/ehab93331/status/1965838186690785635
واستطرد محمد " حد له شوق في حاجه".
https://x.com/Mohamedadel481/status/1965849626977906847
وأضاف شوقي " الناس دي بقت مستفزة لأقصي درجة كل حاجة من جيب الشعب".
https://x.com/shawkielbayoumi/status/1965941820376101115
خلفية: سياسة الجبايات المستمرة
ارتفاع الرسوم على الموبايلات ليس إلا حلقة جديدة في مسلسل الجبايات الحكومية المتكررة على البضائع المستوردة.
ففي السنوات الأخيرة، فرضت الحكومة زيادات متتالية على جمارك الأجهزة الإلكترونية والأجهزة المنزلية، كما رفعت الرسوم على قطع غيار السيارات، وهو ما انعكس مباشرة على الأسعار النهائية التي يتحملها المستهلك.
كما أن سوق السيارات مثال صارخ على هذه السياسات، إذ وصلت الضرائب والرسوم المفروضة على السيارات الصغيرة والمتوسطة إلى نسب تفوق قيمتها الحقيقية أحيانًا، في حين تُمنح امتيازات خاصة للسيارات الفاخرة المستوردة عبر قنوات معينة أو المرتبطة بمصالح نخبوية.
انعكاسات القرار على السوق والمواطن
الخبراء يحذرون من أن زيادة الرسوم على الهواتف المحمولة – وهي سلعة أساسية اليوم – سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، ما يضاعف أعباء الأسر المصرية التي تعتبر الموبايل أداة عمل وتواصل أساسية.
ومن المتوقع أن ينشط السوق الموازي والتهريب عبر الحدود لتعويض العجز في السوق الرسمي، ما يعني خسائر إضافية للدولة بدلًا من تحقيق إيرادات مستقرة.
والأخطر أن هذه الجبايات تأتي في وقت تآكلت فيه قدرات الطبقة المتوسطة والفقيرة، فلم تعد قادرة على شراء بعض الرفاهيات البسيطة التي كانت يومًا في متناولها مثل الهواتف المتطورة أو الأجهزة المنزلية الجيدة.
تلك السلع أصبحت الآن حكرًا على الطبقة الغنية فقط، مما يوسع الهوة الطبقية داخل المجتمع، ويفاقم الإحباط لدى شرائح واسعة من المصريين.
تبريرات حكومية وواقع مغاير
الحكومة تبرر هذه الإجراءات بأنها تهدف إلى زيادة الموارد المالية وسد عجز الموازنة، إلا أن منتقدين يرون أن السياسات القائمة لا تعالج جذور الأزمة الاقتصادية، بل تزيد من معاناة المواطن وتكرّس عدم العدالة الاجتماعية.
فبينما يُثقل المواطن العادي بالضرائب على أساسيات حياته، يتمتع أصحاب الامتيازات الكبرى والإعفاءات الخاصة بامتيازات تجعلهم بعيدين عن أي ضغط مالي حقيقي.
الخبير الاقتصادي ممدوح الولي كان قد صرح سابقًا أن "الحكومة تتعامل مع المواطن باعتباره مجرد مصدر للجباية، بينما تغيب أي رؤية لإصلاح اقتصادي حقيقي أو تعزيز الإنتاج المحلي".
وهو ما يتفق معه خبراء آخرون يرون أن هذه السياسات قصيرة النظر وقد تؤدي إلى ركود أعمق وتآكل القدرة الشرائية للمصريين.
أزمة ثقة متفاقمة
الوصول بنسبة الضرائب على الموبايلات إلى 52% لا يمثل مجرد رقم، بل يعكس نهجًا متصاعدًا من الجباية العشوائية التي لا تراعي الظروف المعيشية للمواطنين ولا تعالج أساسيات الاقتصاد.
ومع استمرار ارتفاع الأسعار وغياب الخدمات، يتنامى شعور المصريين بأن الحكومة لم تعد تسعى لإدارة شؤون البلاد لصالح الشعب، بل لتحصيل أكبر قدر من الأموال بأي وسيلة، ولو كان الثمن سحق القدرة الشرائية لملايين الأسر.