في سياق المشهد الاقتصادي المتقلب والمتدهور في مصر، عبّرت الدكتورة يمنى الحماقي، أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، عن مخاوف كبيرة بشأن سياسة تعويم الجنيه التي بدأت تتّخذ شكلًا متكررًا وسريعَ الوتيرة، مبدية قلقها من تعويم جديد قد يكون أضراره أشد وطأ على الأجيال القادمة.
ففي تصريحات لها وصفت هذه الظاهرة بأنها زلزال مدمّر للطبقة المتوسطة، محذّرة من أن تداعياتها الاقتصادية تجاوزت التحوّل النقدي لتصل إلى مستوى الإفقار.
 

أولاً: “زلزال التعويم”… موجعة وغير مسبوقة
تقول الحماقي: "ما يشغلني جدًا ويقلقني جدًا، أنني أتمنى ألا أرى تعويماً آخر للجنيه… أنا أسمي التعويم زلزال."
هذا الوصف جاء بعد سلسلة من التعويمات في فترات زمنية متقاربة، فتساءلت: كيف سيتأقلم المواطن والمنتج والمستهلك مع الوضع المتغير باستمرار؟ وهو ما يؤدي إلى ضغوط معنوية ومادية غير محتملة.
 

التعويم المتكرر… قنبلة موجهة للوسطاء
أوضحت الحماقي أن ما يُقلقها هو “التعويمات المتتالية في أوقات قصيرة”، التي تحمل تداعيات “في منتهى الخطورة”، مؤكدة: "حتى أنها تسببت في إفقار الطبقة المتوسطة في مصر."
وهذا يعكس أن الطبقة المتوسطة التي تُعد الشرارة الحقيقية لأي نمو اقتصادي، هي الأكثر تأثرًا عند فقدان الاستقرار النقدي.
 

لماذا التعويم بهذا التكرار؟
بطريقة موحية، دعت الحماقي إلى تفادي تكرار تعويم الجنيه من خلال "العمل الجاد" لتحقيق الأهداف المرجوة، وضمان فعالية الأداء: "يجب أن نتجنب النتائج السلبية التي من الممكن أن تكون مؤلمة جدًا لا قدر الله إذا لم يتم الأداء بالشكل الصحيح."
والرسالة هنا واضحة: حتى تلك الإصلاحات المكملة مثل تعويم العملة يمكن أن تُحدث "صدمة قوية" إذا لم تسبقها خطة تأقلم وتدرج في التنفيذ.

تجربة تعويم الجنيه في مصر، كما لخصتها د. يمنى الحماقي، تُعد زلزالًا نقديًا أوقع الطبقات الوسطى في الفقر.
فهي تطرح نموذجًا نقديًا تقليديًا (التعويم التدريجي) بدلًا من القفزات المتكررة، وتدعو إلى توازن بين الإصلاحات البنيوية والاستقرار المعيشي.

استقرار سعر الصرف مسكن وقتي، لكنه لا يعيد بناء الطبقة المتوسطة؛ بل مجرد وهم ينتهي بزوال المسكن، قد تنقلب إلى عبء إذا غابت خطة بعيدة المدى.