اعتبر نجيب ساويرس، أحد أبرز المليارديرات المصريين ومالك شركة "أورا للتطوير العقاري"، الرسوم الإضافية التي فرضتها الحكومة على مشروعات الساحل الشمالي وطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي "مخالفة للقانون". هذه الرسوم، التي تصل إلى 1500 جنيه للمتر المربع على بعض المطورين، تأتي في وقت يعاني فيه القطاع العقاري من أرباح متواضعة، لا تتجاوز 1% إلى 2% من حجم المبيعات، وهو ما يضع تساؤلات كبيرة حول عدالة السياسة الحكومية ومدى تأثيرها على استقرار السوق العقاري.

 

الرسوم الجديدة وأثرها على المطورين

في يوليو الماضي، أعلنت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فرض رسوم إضافية بواقع 20 دولارًا للمتر المربع على مشروعات الشركات الأجنبية، و1000 جنيه للمتر على المشروعات العقارية والسياحية التي يشارك في تنفيذها أكثر من جهة محلية بالساحل الشمالي. إضافة إلى ذلك، فرضت رسوم "تحسين طريق" تصل إلى 1500 جنيه للمتر المربع على المطورين الذين يمتلكون أراضي أو مشروعات بعمق يصل إلى 7 كيلومترات على جانبي طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي.

هذه الرسوم جاءت فجأة، دون إشعار مسبق أو دراسة واضحة لتأثيرها المالي على القطاع، ما أثار غضب كبار المطورين الذين يعتبرونها عبئًا إضافيًا غير مبرر.

 

غضب رجال الأعمال والمخاطر الاقتصادية

الملياردير نجيب ساويرس وصف الرسوم بأنها مخالفة للقانون، وأشار إلى أن اللجوء إلى القضاء سيضمن للمطورين الفوز بالقضايا ضد تطبيقها بأثر رجعي. كما أعرب عدد من رجال الأعمال وشركات التطوير العقاري عن مخاوفهم من تأثير هذه القرارات على القطاع العقاري، حيث يمكن أن تؤدي إلى تراجع الاستثمارات، وتعطل خطط التطوير، وزيادة المخاطر المالية، خصوصًا في ظل الأرباح المحدودة التي حققها المطورون في السنوات الأخيرة.

جمعية رجال الأعمال المصريين طالبت رئيس الوزراء بعدم تطبيق الرسوم بأثر رجعي، محذرة من أن استمرار الوضع دون معالجة سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية ويهدد السوق العقاري.
أثر الرسوم على الشركات الكبرى والدمج الاستراتيجي

تتقدم الحكومة حاليًا 17 تظلماً ضد الرسوم المفروضة على مشروعات الساحل الشمالي، من بينها شركات كبرى مثل "سوديك"، و"بالم هيلز"، و"معمار المرشدي"، و"آكام الراجحي"، و"القمري"، إضافة إلى شركات “الشرق الأوسط للتنمية” المملوكة للملياردير محمود الجمال.

وفي ظل هذه الضغوط، كشف ساويرس أنه يدرس دمج جميع شركاته تحت مظلة "أوراسكوم للاستثمار القابضة" المدرجة في بورصة مصر، لتقليل المخاطر وتعزيز القيمة السوقية للشركة. هذا الدمج الاستراتيجي يظهر محاولة من كبار المطورين لحماية استثماراتهم من السياسات الحكومية المفاجئة التي تزيد من عدم الاستقرار المالي والاقتصادي.

 

خسائر وأرباح محدودة: سياسة حكومية بلا رؤية

أوضح ساويرس أن مكاسب شركات التطوير العقاري لم تتجاوز 1% إلى 2% من حجم المبيعات في السنوات القليلة الماضية، واصفًا هذه المكاسب بأنها "مضحكة"، وهو مؤشر على ضعف العائد الحقيقي للمستثمرين في ظل سياسات الحكومة المفاجئة.

تفاقمت خسائر "أوراسكوم للاستثمار القابضة" بنسبة 393% خلال 2024 لتصل إلى 914.66 مليون جنيه، ما يعكس ضغوط السوق والرسوم المفروضة. هذه الأرقام تؤكد أن السياسات الحكومية الحالية لا تراعي قدرة المطورين على تحمل أعباء مالية إضافية، وتعمل على زيادة تكلفة المشاريع دون تقديم أي دعم فعلي للقطاع، وهو ما يهدد الاستثمارات ويجعل السوق العقاري في حالة من عدم اليقين المستمر.

وأخيرا فالسياسات الجديدة للرسوم الغير قانونية والأثر الرجعي في قطاع التطوير العقاري بالساحل الشمالي تكشف عن فشل الحكومة في وضع رؤية واضحة ومستقرة للاستثمار في مصر.

فما يُفترض أن يكون محفزًا للنمو الاقتصادي أصبح عبئًا إضافيًا على المستثمرين، ويهدد الاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء. إن استمرار فرض الرسوم بهذه الطريقة دون دراسة اقتصادية دقيقة أو إشراف تشريعي يجعل الحكومة شريكًا في المخاطر المالية التي يتحملها القطاع الخاص، ويؤكد الحاجة الملحة لإعادة النظر في السياسات العقارية بما يحفظ استقرار السوق ويحفز التنمية المستدامة.