في مشاهد صادمة طغت على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر مقطع فيديو يكشف عن هجرة أطفال مصريين بطرق غير شرعية إلى أوروبا، في مشهد تنطق به جغرافيا اليأس. هذه الصور، رغم مفاجأتها، تعكس واقعًا يعكس فشلًا حكوميًا وإنسانيًا، حتى في ظل الأموال التي أُهدِرت أو استُهدِفت للحيلولة دون هذا المصير.
 

جهود رسمية مقابل واقع مأسوي
يدّعي النظام أنّه نجح في وقف رحلات التهريب انطلاقًا من الشواطئ المصرية، إذ لم يُسجَّل خروج أي قارب منذ عام 2016، فيما أطلقت حملات توعية مثل "قوارب النجاة" ومبادرة "الزوارق" وغيرها، إلى جانب مبادرات توظيف وتدريب الشباب في قرى المحافظات ذات معدلات هجرة مرتفعة.

كما دخلت الحكومة في شراكة استراتيجية واسعة مع الاتحاد الأوروبي، عبر حزمة مساعدات بلغت 7.4 مليار يورو، تشمل قروضًا ومنحًا واستثمارات، منها مبلغ خاص لإدارة الهجرة الحدودية، ما جعل مصر بوابة أساسية لسياسات "تخفيف الضغط" على أوروبا. وقد تُركّز هذه الأموال بشكل خاص على إنقاذ الحدود وليس المواطن، وفق انتقادات عديدة.
 

الوقائع على الأرض: فشل الأمن مقابل سقوط المواطن
الواقع يتحدث بصوت أعلى: حظر التحركات في الشريط الساحلي لم يمنع استمرار الهجرة، بل حَوَّل المسارات إلى ليبيا، بمخاطر أكبر وأموال تُسجّل ضحايا أكثر. ويعرّف الخبراء هذا النزوح بأنه "هروب اضطراري" من أزمات الفقر والبطالة وتضاؤل فرص الحياة الكريمة، لا مجرد رغبة في السفر.
 

أسباب الأزمة الإنسانية

  • اقتصادية واجتماعية: غياب الأمن، والتعليم، والعمل، والرعاية الصحية دفع العائلات إلى اليأس.
  • سياسية: الدولة والفروع العليا—العسكرية والإدارية—يبدو أنها تستفيد من المال العام أو المقايضة الدولية، بينما المواطنون يعانون.
  • أمنية: الإجراءات الأمنية لم تصحح شيئًا، بل زادت من معاناة العائلات والمهاجرين، بمن فيهم الأطفال.
     

مأساة الأطفال: حكاية الأمل المفقود
إنقاذ طفل واحد من البحر لا يعني انتصارًا تُبنى عليه السياسات، بل نداء لإنقاذ آلاف آخرين يبحثون عن الهواء في بلد لا يوفر لهم سوى الخوف: لا صحة، ولا أمن، ولا تعليم، ولا عمل.
أما الأموال التي تصرفها الدولة، فغالبًا ما تبقى في جيوب النخبة والمسؤولين الكبار، بلا أثر على الأرض، حسب شهادات حقوقية محلية.
 

إحصائيات مقلقة
منذ 2014، كان نصف المهاجرين المصريين الذين وصلوا إيطاليا أطفالًا غير مصحوبين بما يزيد عن 2000 طفل.

في 2016، شهدت إيطاليا قفزة كبيرة في أعداد الأطفال المصريين غير المصحوبين، مع تسجيل حالات اختفاء متعددة.

تقرير اليونيسف 2023 أكد وفاة أو اختفاء 289 طفلًا أثناء محاولة عبور البحر المتوسط، أي بمعدل 11 طفلًا كل أسبوع.

أعداد الأطفال حسب الدول الأوروبية (2023):

  • إيطاليا: 27,420 طفلًا (منهم 18,820 غير مصحوبين = 69%).
  • إسبانيا: 10,287 طفلًا (منهم 9,131 غير مصحوبين = 89%).
  • اليونان: 10,612 طفلًا (منهم 2,867 غير مصحوبين = 27%).
  • بلغاريا: 5,720 طفلًا (منهم 3,845 غير مصحوبين = 67%).
  • قبرص: 1,638 طفلًا (منهم 828 غير مصحوبين = 50%).
  • مالطا: 278 طفلًا (منهم 24 غير مصحوبين = 89%).

في 2024، وصل أكثر من 13 ألف قاصر إلى اليونان، بينهم نسبة متزايدة من المصريين. أي أن عدد الأطفال المصريين غير المصحوبين ارتفع بنسبة حوالي 550% بين 2014 و2024.
 

الفيديو:
https://x.com/OElfatairy/status/1964401185785597976