يعيش المصريون هذه الأيام تحت وطأة موجة غلاء غير مسبوقة، إذ ارتفعت أسعار الخضار والفاكهة إلى مستويات فلكية جعلت شراء أبسط السلع الغذائية رفاهية لا يقدر عليها ملايين الأسر.
ومع بداية العام الدراسي، تضاعفت مصاريف المدارس والكتب والأدوات بشكل أنهك أولياء الأمور، فيما جاءت فواتير الكهرباء والمياه والغاز لتكمل دائرة الحصار اليومي على ميزانيات البيوت.

هذه الأعباء المتراكمة لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة مباشرة لسياسات حكومة السيسي الفاشلة، التي عاجزة عن ضبط الأسواق أو حماية المواطنين من جشع التجار، ومن التداعيات الكارثية للديون والقرارات الاقتصادية المرتجلة.
وبينما يزداد الوضع سوءًا يومًا بعد يوم، تواصل السلطة إنفاق المليارات على مشروعات دعائية وبهرجة عمرانية، تاركة المواطن يواجه مصيره وحده في معركة البقاء.
 

أسعار الخضار والفاكهة تحلّق
لم يعد دخول الأسواق مشهدًا عاديًا للمصريين، بل تحوّل إلى مصدر قلق يومي. أسعار الطماطم، البطاطس، وحتى البصل تضاعفت خلال أسابيع قليلة. الفاكهة التي كانت جزءًا من غذاء الأسر متوسطة الدخل صارت "ترفًا"، إذ تجاوز سعر كيلو العنب أو التفاح 70 جنيهًا، وهو ما يعادل نصف يوم عمل لعامل يومية.

 

الخبير الزراعي د. نادر نور الدين علّق قائلاً إن "الخلل في منظومة التسعير وغياب الرقابة على الأسواق فتح الباب لجشع التجار"، مضيفًا أن الحكومة لم تعد قادرة على ضبط الأسعار. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، كتبت سيدة من القاهرة: "بطلنا نجيب فاكهة لأولادنا.. بنشتري حاجة واحدة ونقسمها طول الأسبوع"، في تعبير صادم عن حجم الأزمة.
 

عبء الدراسة يثقل الأسر
ومع دخول العام الدراسي الجديد، تتضاعف معاناة الأسر. أسعار الكتب الخارجية والأدوات المدرسية ارتفعت بنسب وصلت إلى 50% مقارنة بالعام الماضي، فيما شهدت المصروفات المدرسية بالمدارس الخاصة والدولية زيادات غير مسبوقة.

 

الخبير التربوي كمال مغيث اعتبر أن "التعليم صار عبئًا طبقيًا، لا خدمة عامة"، موضحًا أن الكثير من الأسر اضطرت للاستدانة أو تقليل نفقات أساسية لتعليم أبنائها. وكتب ناشط تعليمي عبر فيسبوك: "بنعلم ولادنا ولا نأكلهم؟ الاتنين مع بعض بقى شبه مستحيل".
 

فواتير الكهرباء والغاز والمياه: نار في البيوت
تزامنًا مع هذه الأزمات، جاءت الزيادات الجديدة في أسعار الكهرباء والغاز والمياه لتضاعف الضغوط. فواتير تجاوزت أضعاف ما كانت عليه قبل عامين، رغم وعود حكومة السيسي بتأجيل رفع الدعم.

 

الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار يرى أن "توقيت هذه الزيادات يبرهن أن الحكومة فقدت الحسّ الاجتماعي"، مضيفًا أن سياسات التقشف تطبق على الفقراء فقط.

وعلى تويتر، غرّد أحد المواطنين بصورة فاتورة كهرباء تجاوزت 1200 جنيه، وكتب: "ده مرتب شهر كامل.. هندفع منين؟".
 

معاناة يومية بلا أفق
بين غلاء الخضار والفاكهة، مصاريف الدراسة، وفواتير الخدمات، يعيش المواطن المصري في حلقة خانقة. الأجور شبه ثابتة، بينما الأسعار ترتفع بوتيرة متسارعة.
النتيجة: ملايين الأسر باتت عاجزة عن الادخار أو حتى تلبية الأساسيات.

 

المحلل السياسي عمرو حمزاوي أوضح أن "الأزمة لم تعد اقتصادية بحتة، بل سياسية واجتماعية، لأنها تعكس غياب العدالة وانعدام الكفاءة في إدارة الدولة". بينما كتب ناشط على فيسبوك: "الحياة في مصر بقت سباق يومي بين الجوع والديون"، في توصيف مكثف لما يعيشه الشارع.
 

حكومة بعيدة عن الواقع
ورغم هذه الضغوط، لا تزال حكومة السيسي تتحدث عن مشروعات كبرى مثل العاصمة الإدارية والقطار الكهربائي. وهو ما يثير سخط الشارع، حيث يرى المواطنون أن أولويات السلطة منفصلة عن الواقع.

الكاتب الصحفي وائل قنديل علّق بأن "الإنفاق على القصور والمشاريع التجميلية يأتي على حساب لقمة عيش المصريين"، معتبرًا أن "النظام يحمي صورته الخارجية لا حياة شعبه".

وأمام هذه التراكمات، يظل السؤال: إلى متى يستطيع المصريون الصمود؟ هل يستمرون في التكيّف القاسي، أم أن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية قد تتحول إلى غضب جماعي يصعب السيطرة عليه؟