أعلنت مصادر مطلعة أن وزارة النقل تتفاوض مع تحالف صيني للحصول على قرض ميسّر بقيمة 250 مليون دولار لتغطية تكلفة المكوّنات المستوردة للمرحلة الرابعة من مشروع القطار الكهربائي الخفيف (LRT) بالعاصمة الإدارية، بينما تتحمّل الهيئة القومية للأنفاق باقي المصروفات محليًا.
الإعلان يأتي استكمالًا لسلسلة تمويلات خارجية ضخمة لمشروعات النقل في سنوات حكم الفريق كامل الوزير، لكن السؤال الواضح هو: لماذا مع هذه المليارات لا يشعر المواطن بأي تحسّن ملموس في الطرق أو وسائل النقل اليومية؟
تفاصيل القرض
بحسب التقارير، القرض المعلن سيُقدّم كتمويل ميسّر من مؤسسات صينية بقيمة 250 مليون دولار، مخصّص لتغطية المكوّنات الأجنبية (عربات، معدات كهرو-ميكانيكية)، بينما تتحمل الجهات المصرية الأعمال المدنية.
لم تُعلن حكومة الانقلاب بعد شروط السداد أو مدة السماح أو الجهة الصينية الرسمية المانحة، لأنّ الاتفاقات النهائية لا تزال في مراحل تفاوض.
هذا النمط - تمويل جزئي للمكونات المستوردة - يعيد إنتاج اعتماد المشروع على العملة الصعبة والتمويل الخارجي.
قائمة القروض الكبيرة تحت إدارة كامل الوزير
قروض متصلة بمشروع LRT وقطاعات النقل الأخرى لم تكن وليدة اليوم: في يناير 2019 وُثّقت اتفاقات تمويل صينية لصالح شبكة LRT وصلت أرقامها المعلنة إلى مئات الملايين. اتفاقات شملت منحًا ميسّرة وقروضًا من China Eximbank بفترات سداد طويلة ومعدلات فائدة منخفضة نسبيًا.
سابقًا أيضًا أُعلن عن تمويلات باليوان وقروض ميسّرة لتمويل مراحل سابقة (المرحلتان الأولى والثانية وما بعدها)، كما تتفاوض الدولة على قروض أخرى لخطوط سريعة ومشروعات مترو ومونوريل بقيم ضخمة، على سبيل المثال: مرّ ذكر قرض يُقدّر بنحو 3 مليارات دولار لخط سكة حديد سريع في مشاريع حديثة.
هذه الحزمة المالية الضخمة تعكس اعتمادًا متزايدًا على القروض الصينية والأجنبية.
أمثلة رقمية سريعة (مهمَّة)
اتفاقات يناير 2019 شملت قروضًا بقيمة مجمعة تُقدّر بمئات الملايين (من بينها قروض بقيمة مئات الملايين من China Eximbank وموفّرة بشروط مثل فترات سداد طويلة وفوائد منخفضة).
في مراحل متقدمة أُشير إلى قرض للمرحلة الثالثة بقيمة تُقدّر محليًا (ذكر بعض التقارير أرقامًا مثل 1.5 مليار يوان أو 332 مليون دولار لتمويل إشكالي للمرحلة الثالثة).
لماذا لا يشعر المواطن بالتحسّن؟
- التركيز على المشاريع الجديدة بدلًا من صيانة الموجود: الأنماط الحكومية تميل إلى الاحتفالات المبهرجة لمشاريع كبيرة (محطات/خطوط جديدة)، بينما تتراجع ميزانيات التشغيل والصيانة للطرق والسكك الموجودة.
- اعتماد على واردات ومكوّنات بالعملة الصعبة: ما يُموَّل بالقروض الأجنبية يعني استنزافًا للعملة الصعبة واستمرار حاجة الدولة لاقتراض أو بيع سندات لتمويل أقساط الاستيراد، وهذا لا يترجم فورًا إلى خدمات يومية أفضل للمواطن.
- تكاليف تمويل وتراكم دين: حتى القروض "الميسّرة" تضيف أعباءً على موازنة الدولة على المدى المتوسط، ما يدفع إلى تقليص الإنفاق الاجتماعي أو تأجيل مشاريع صيانة مهمة.
- ضعف المحاسبة والشفافية: غياب رقابة حقيقية على العقود والتكاليف يقود إلى تجاوزات في الأسعار ومشروعات غير مجدية للمواطن العادي.
هذه العوامل مجتمعة تعني أن "الإنجازات" الاحتفالية لا تُترجم إلى طرق آمنة أو قطارات أرخص أو خدمة أفضل.
دعوات من باحثين ومنظمات حقوقية للإفصاح عن تفاصيل التعاقدات ما تزال موجودة
بعض مراكز الأبحاث وحقوق الإنسان انتقدت توجه الحكومة لتمويل مشروعات لا تعود بالفائدة المباشرة على شرائح واسعة من المجتمع، ووصفت سياسة الاقتراض بأنها "مقبولة فقط إذا كانت تفيد شريحة واسعة"، وإلا فهي تحميل للأجيال القادمة أعباء دين دون مردود اجتماعي واضح.
كما ظهرت تقارير تذكّر بأرقام ديون هيئات السكك والنقل (مثالًا إشارة إلى ديون كبيرة مُعلنة سابقًا بالجنيه)، ما يبرز فجوة بين الإنفاق الاستثماري وسداد الالتزامات التشغيلية.
من أجل إنقاذ المواطن أولًا
القرض الصيني الجديد (250 مليون دولار) ليس مشكلة منفردة؛ المشكلة منهجية: تراكم قروض لمشروعات كبيرة من دون تحويل واضح للإنفاق إلى تحسّن يومي يشعر به السائق والمُستخدم والمتقاعد.
المطالبة هنا ليست ضدّ بناء بنية تحتية بحد ذاتها، بل ضد غياب الشفافية وترتيب الأولويات: مطلوب تحويل جزء من الأموال للصيانة، رفع كفاءة الإنفاق، قبول رقابة مستقلة على العقود، وتشجيع المحتوى المحلي لتقليل الاعتماد على العملة الصعبة، وإلّا سيبقى المواطن يدفع فاتورة الديون بينما تُختتم احتفاليات "الإنجاز" دون أي أثر ملموس على حياته اليومية.