دخل قانون العمل الجديد حيّز التنفيذ رسميًا بداية من شهر سبتمبر، ليُشكل محطة تشريعية بالغة الأهمية في تاريخ علاقات العمل، بعد سنوات طويلة من الجدل المجتمعي والنقابي حول حقوق العمال، وتوازن العلاقة بينهم وبين أصحاب الأعمال.
وأعلن وزير العمل، محمد جبران، أن القرارات التنفيذية المكملة للقانون ستصدر خلال أسبوع، لتوضيح تفاصيل تطبيق أحكامه الجديدة.
ستة أنماط عمل غير تقليدية
للمرة الأولى، يعترف القانون بما يسمى «أنماط العمل الجديدة»، والتي حددها في ستة أشكال رئيسية:
- العمل عن بُعد باستخدام الوسائل التكنولوجية خارج مقر المنشأة.
- العمل عبر المنصات الرقمية.
- العمل لبعض الوقت أو بدوام جزئي.
- العمل المرن بنفس عدد الساعات لكن في أوقات متفرقة بالاتفاق بين الطرفين.
- تقاسم العمل بين أكثر من شخص يتقاسمون المهام والأجر.
- أنماط أخرى يحددها الوزير المختص لاحقًا.
ويعرّف القانون هذه الأنماط بأنها أي عمل يُنجَز بطريقة غير تقليدية لصالح صاحب العمل وتحت إشرافه مقابل أجر، مؤكدًا أن العاملين بها يتمتعون بكامل الحقوق والواجبات المقررة للعاملين في الوظائف التقليدية.
غير أن القانون جعل تنظيم تلك الأنماط بيد وزير العمل، الذي سيصدر قرارات خاصة بصيغ العقود، اللوائح، وإثبات علاقة العمل، وذلك بعد التشاور مع النقابات العمالية ومنظمات أصحاب الأعمال.
إصلاحات في التمثيل النقابي وتعددية جديدة
خلافًا لقانون العمل السابق الصادر عام 2003، تجنّب القانون الجديد حصر التمثيل النقابي في الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، ليتماشى مع قانون النقابات لعام 2017 والمعدل 2019، الذي سمح لأول مرة منذ منتصف القرن الماضي بالتعددية النقابية.
هذه الخطوة اعتُبرت مهمة على صعيد تعزيز حرية التنظيم النقابي، لكنها ما زالت تواجه تحديات على أرض الواقع.
قيود مشددة على الإضراب
رغم الاعتراف بالأنماط الجديدة وتوسيع دائرة التمثيل النقابي، أبقى القانون على القيود المفروضة على حق الإضراب، بل أضاف قيودًا جديدة، إذ نص على حظر الإضراب في الظروف الاستثنائية من دون تحديد ماهيتها، الأمر الذي يثير مخاوف حقوقية حول استخدام هذا النص لتقييد الحركات العمالية بشكل أكبر.
الأجر والعلاوة الدورية.. جدل مستمر
واصل القانون الجديد تجاهل معيار الأجر الشامل في احتساب العلاوة الدورية، مكتفيًا بنسبة 3% من الأجر التأميني (الخاضع للتأمينات الاجتماعية)، بدلاً من 7% من الأجر الأساسي كما كان منصوصًا في القانون الملغى.
خطوة اعتبرها مراقبون انتقاصًا من حقوق العمال، خصوصًا في ظل معدلات التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
مسار طويل من الجدل والتعديلات
رحلة هذا القانون بدأت منذ عام 2014، واستغرقت سنوات من الإعداد والمناقشات.
في 2017، عُرض مشروع القانون على البرلمان، لكنه اصطدم بضغوط رجال الأعمال الذين اعترضوا على القيود المفروضة على فصل العمال، وإلزامية العقود غير محددة المدة، وقاعدة العلاوة الدورية.
بعد سنوات من التوقف، أُعيد المشروع إلى مجلس الشيوخ في 2022 وأُقر، قبل أن يُحال مجددًا إلى مجلس النواب بطلب من عبد الفتاح السيسي، ثم أُرجئ للمجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي لإعادة النظر.
وفي 2023، سحبت الحكومة المشروع لإجراء تعديلات جديدة استجابة لملاحظات النقابات ومنظمات الأعمال. وأخيرًا، أقر البرلمان القانون في أبريل الماضي، بعد إعادة مناقشته بداية العام نفسه.