تواصل حكومة الانقلاب في مصر سياسة الجباية واستنزاف موارد المواطنين تحت شعار “تعظيم الإيرادات”، فيما تظل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين بلا حلول.
حسب تصريحات رشا عبد العال، رئيسة مصلحة الضرائب، ارتفعت إيرادات الضرائب بأكثر من 20% خلال أول شهرين من العام المالي الجاري 2025-2026، بعد أن شهد العام المالي الماضي ارتفاعًا بنسبة 35%، ليصل إجمالي الإيرادات الضريبية إلى 2.2 تريليون جنيه من ميزانية قدرها 2.63 تريليون جنيه، مقابل مصروفات بلغت نحو 3.89 تريليون جنيه.
 

المواطن يدفع والفشل يتفاقم
رغم هذه الأرقام الرسمية التي تحاول الحكومة تسويقها على أنها إنجاز اقتصادي، الواقع يشير إلى تدهور القوة الشرائية للمواطنين وارتفاع تكلفة المعيشة بشكل غير مسبوق.
سياسة الجباية المكثفة وفرض الضرائب على جميع شرائح المجتمع لا تعكس خطة حقيقية لتنمية الاقتصاد، بل هي محاولة لسد العجز الناتج عن فشل السياسات الاقتصادية واستمرار الاعتماد على الاقتراض الداخلي والخارجي.

تقول الحكومة إن توسع القاعدة الضريبية وضم الاقتصاد الموازي للاقتصاد الرسمي، واعتماد المنظومات الإلكترونية، والتسجيل الجديد للتجارة الإلكترونية، كلها عوامل ساهمت في زيادة الإيرادات.
لكن هذه الإجراءات لا تحل جذور المشكلة، بل تضيف عبئًا جديدًا على المواطنين بدون أي تحسين ملموس للخدمات العامة أو الدعم الاجتماعي.
 

عجز الموازنة يتفاقم.. والسياسات الاقتصادية فاشلة
المفارقة أن هذه الإيرادات الضريبية المرتفعة لا تمنع استمرار العجز المالي الضخم للموازنة العامة.
إذ بلغت المصروفات نحو 3.89 تريليون جنيه، ما يعني وجود فجوة كبيرة بين الإيرادات والمصروفات.
الحكومة تواصل سياساتها الاقتصادية الفاشلة منذ سنوات، معتمدًة على سياسة إدارة الأزمات، الاقتراض، وتحويل الدولة إلى آلة جباية مستمرة، دون أي استثمار حقيقي في مشروعات إنتاجية تدر دخلًا طويل الأمد.

هذه السياسات أثرت على الاقتصاد المصري بشكل كبير، إذ أدى الاعتماد على الاقتراض ورفع الضرائب إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين، وانخفاض مستوى الخدمات العامة، وزيادة معدلات الفقر.
الشعب يدفع الثمن، بينما الحكومة تدعي نجاح سياساتها من خلال أرقام معززة بالإحصاءات الرسمية، تتجاهل الواقع الحقيقي للغالبية العظمى من المصريين.
 

التكنولوجيا والإدارة الحديثة.. بلا نتائج ملموسة
تعتمد الحكومة على التكنولوجيا والمنظومات الإلكترونية لتسهيل تحصيل الضرائب، ويُشيد مسؤولوها بتسجيل أكثر من 141 ألف تاجر إلكتروني جديد.
لكن هذا النهج يفتقر إلى رؤية شاملة لتعزيز الاقتصاد، فهو يركز على زيادة الإيرادات بدون خلق فرص عمل أو دعم الإنتاج المحلي.
في المقابل، استمرار ارتفاع الأسعار والفوائد على القروض يجعل المواطن البسيط يخسر أكثر مما يكسب، ويؤكد أن الحكومة لا تهتم إلا بتجميع الأموال، لا بتحسين الاقتصاد الوطني.
 

الاقتصاد موازي بلا خطط حقيقية للنمو
محاولة الحكومة ضم الاقتصاد الموازي إلى الاقتصاد الرسمي، رغم أنها تبدو إيجابية على الورق، على أرض الواقع تتحول إلى أداة جديدة لجباية الأموال من المواطنين الصغار وأصحاب الأعمال المتواضعة.
بدلاً من دعم الإنتاج وتحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، يتم التركيز على التحصيل الفوري للضرائب، حتى لو أدى ذلك إلى خنق النشاط الاقتصادي.
 

الجباية بدلاً من التنمية
تصريحات مصلحة الضرائب حول نمو الإيرادات تبرز فشل الحكومة في صياغة استراتيجية اقتصادية حقيقية.
رفع الإيرادات الضريبية بنسبة كبيرة ليس مؤشرًا على نجاح اقتصادي، بل دليل على تعنت الدولة في فرض الجباية على الشعب لتمويل عجزها المستمر، مع غياب أي رؤية استثمارية طويلة المدى.

في نهاية المطاف، المواطن المصري هو الضحية الأولى، إذ يرى أمواله تُستنزف، بينما الخدمات العامة تتدهور، والديون تتراكم، والأسعار ترتفع بشكل مستمر.
سياسة الحكومة الحالية تركز على جمع الأموال بأي طريقة، بدلًا من خلق فرص إنتاجية حقيقية تضمن استقرار الاقتصاد ورفاهية المواطنين، مما يجعل استمرار هذه السياسات كارثة اقتصادية واجتماعية لا تزال تتفاقم عامًا بعد عام.