في حادث مأساوي جديد يسلط الضوء على أزمة معايير السلامة المهنية في مصر، شهد طريق الإسماعيلية – السويس الصحراوي مساء الأحد حادث انفجار قوي في خط غاز أثناء تنفيذ أعمال الصيانة بمجمع البلوف أسفل كوبري أبو سلطان باتجاه الإسماعيلية، مما أسفر عن مصرع شخصين وإصابة ستة آخرين بإصابات خطيرة، بحسب إخطار تلقته الشبكة الوطنية لخدمات الطوارئ والسلامة العامة من عمليات النجدة.

 

تفاصيل الحادث

بحسب المعلومات الأولية، وقع الانفجار نتيجة ضغط الهواء بخط الغاز أثناء عمليات صيانة كان يجريها فريق متخصص، في ظل ظروف تبدو غير مؤمنة بالشكل الكافي. وتشير المصادر إلى أن الضحايا من العمال والفنيين الذين كانوا يقومون بمهامهم الروتينية دون وجود إشراف صارم على تطبيق معايير الأمان.

على الفور، هرعت سيارات الإسعاف إلى موقع الحادث لنقل المصابين إلى المستشفيات القريبة، فيما تم الدفع بقوات الحماية المدنية للسيطرة على الموقف والتأكد من عدم وجود تسربات إضافية قد تهدد المنطقة. وأفادت التقارير بأن المصابين يعانون من حروق وجروح متفاوتة الخطورة، بينما تم نقل الجثتين إلى مشرحة فايد.

 

غياب معايير السلامة.. السبب الخفي وراء الكوارث

الحادث يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول مدى التزام الشركات المنفذة لأعمال الصيانة بمعايير الأمن الصناعي. فمثل هذه الانفجارات غالبًا ما تكون نتيجة التقصير في اتخاذ إجراءات السلامة الأساسية، مثل:

  • فصل خطوط الغاز تمامًا قبل بدء العمل.
  • استخدام أجهزة قياس الضغط قبل السماح بالدخول للموقع.
  • تدريب العمال على خطط الطوارئ في حال حدوث خلل.

لكن الواقع يشير إلى أن هذه الاشتراطات، التي يفترض أن تكون إلزامية، يتم تجاهلها في كثير من الحالات، إما لتسريع إنجاز الأعمال أو لتقليل التكلفة، وهو ما يضع حياة العمال في خطر دائم.

 

الدولة والرقابة الغائبة

ورغم أن القانون المصري يلزم الشركات بتطبيق اشتراطات السلامة والصحة المهنية، إلا أن ضعف الرقابة الحكومية يجعل الأمر مجرد نصوص على الورق. هذا الحادث ليس الأول من نوعه؛ فقد شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة عدة كوارث مماثلة في مواقع العمل والإنشاءات، ما يعكس غياب استراتيجية واضحة لحماية العاملين وضمان بيئة عمل آمنة.

تقارير منظمات العمل تؤكد أن آلاف العمال في مصر يواجهون مخاطر مهنية يومية، من دون تدريب كافٍ أو وسائل حماية، في ظل ضعف الثقافة المؤسسية للسلامة وتقصير الجهات التنفيذية في التفتيش الدوري.

 

أبعاد إنسانية واقتصادية

ضحايا هذا الحادث ليسوا مجرد أرقام في نشرات الأخبار، بل هم عمال يسعون لتأمين قوت يومهم في ظروف عمل شاقة، لكنهم يدفعون حياتهم ثمنًا للإهمال وسوء الإدارة.

إضافة إلى الخسائر البشرية، فإن مثل هذه الحوادث تترك آثارًا اقتصادية كبيرة، حيث تتكبد الدولة تكاليف العلاج والتعويضات، فضلًا عن توقف العمل لفترات طويلة وخسائر في البنية التحتية.

كما أن حادث انفجار خط الغاز بالإسماعيلية ليس حادثًا عابرًا، بل جرس إنذار جديد يكشف عمق الأزمة في ملف السلامة المهنية في مصر. ما لم تتحرك الدولة بجدية لفرض معايير الأمان، فإن أرواح العمال ستظل مهددة، وسنواصل كتابة التقارير عن ضحايا الجهل والإهمال الإداري.