أعلن وزير المالية المصري أحمد كجوك أن عجز الموازنة العامة للعام المالي 2024-2025 بلغ 1.18 تريليون جنيه، في واحدة من أعلى نسب العجز في تاريخ المالية العامة للبلاد.
هذا الرقم الصادم يطرح تساؤلات كبيرة حول انعكاساته على حياة المواطنين، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وتفاقم الديون الداخلية والخارجية.
 

أسباب العجز.. أين تذهب الأموال؟
وفق تصريحات وزارة المالية، يعود العجز الكبير إلى ارتفاع تكلفة خدمة الدين، وزيادة النفقات على الدعم والأجور، مع تراجع الإيرادات الضريبية وغير الضريبية مقارنة بالتوقعات.
لكن خبراء الاقتصاد يشيرون إلى أن غياب الأولويات واستمرار الإنفاق على مشروعات غير إنتاجية، مثل العاصمة الإدارية والقطار السريع، ساهم في تفاقم الأزمة.

الخبير الاقتصادي تامر النحاس يوضح: "الموازنة تعكس توجهات الدولة. عندما يذهب الجزء الأكبر من الإيرادات لخدمة الديون ومشروعات دعائية لا تمس حياة المواطن، فمن الطبيعي أن يصل العجز إلى هذه الأرقام المخيفة."
 

ديون تلتهم الاقتصاد
عجز الموازنة بهذا الحجم يعني مزيداً من الاقتراض لسد الفجوة بين الإيرادات والمصروفات.
وتشير التقديرات إلى أن مصر ستحتاج إلى مئات المليارات من الجنيهات كقروض إضافية، ما يزيد أعباء خدمة الدين التي تلتهم بالفعل أكثر من 50% من الموازنة.

ويحذر الخبير الاقتصادي عمار علي حسن من أن هذا النهج يقود إلى حلقة مفرغة: "نقترض لسد عجز الموازنة، ثم نزيد من خدمة الدين، فيتضاعف العجز مرة أخرى. النتيجة أننا ندور في دائرة ديون لا تنتهي."
 

المواطن هو الضحية الأولى
رغم أن الحكومة تؤكد أنها تحاول حماية الشرائح الفقيرة من تداعيات الأزمة، إلا أن الواقع يقول عكس ذلك.
فالعجز الضخم يعني مزيداً من إجراءات التقشف ورفع الأسعار، عبر تقليص الدعم على السلع الأساسية والطاقة، وزيادة الضرائب والرسوم على المواطنين.

تجارب السنوات الماضية أثبتت أن أي عجز كبير في الموازنة ينعكس فوراً على المواطن في شكل:

  • ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء.
  • زيادة أسعار السلع الغذائية والدواء.
  • استمرار انهيار الخدمات العامة، خاصة في الصحة والتعليم.
     

التأثير على العملة والأسواق
عجز بهذا الحجم يضغط على الجنيه المصري، الذي فقد أكثر من 70% من قيمته خلال السنوات الأخيرة.
ومع زيادة الاقتراض، ستتراجع الثقة في الاقتصاد، ما قد يدفع إلى مزيد من تخفيض قيمة العملة، وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم التي تلتهم دخول المصريين المحدودة أصلاً.

الخبير المصرفي هشام إبراهيم يرى أن: "كل نقطة زيادة في العجز تعني ضغطاً جديداً على الجنيه والاحتياطي النقدي. المواطن سيتأثر بشكل مباشر بارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية."

لكن في ظل استمرار النهج الحالي، يرى خبراء أن المواطن سيظل الحلقة الأضعف، وسيدفع ثمن سياسات مالية عاجزة عن تحقيق التوازن.

وفي النهاية، يبقى السؤال: إلى متى يستمر المصريون في دفع فاتورة أخطاء اقتصادية لا يد لهم فيها؟