في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أصدر عبد الفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا رقم 452 لسنة 2025 بتجديد تكليف اللواء عمرو عادل حسني إبراهيم للقيام بأعمال رئيس هيئة الرقابة الإدارية لمدة عام آخر، اعتبارًا من 30 أغسطس 2025.
هذا القرار، الذي نُشر في الجريدة الرسمية، يأتي بعد سلسلة من التجديدات المتتالية منذ عام 2022، مما يثير تساؤلات حول مدى التزام السلطة التنفيذية بالقوانين المنظمة لتعيين شاغلي المناصب العليا.
مخالفة القانون وتجاوز المؤسسات الرقابية
ينص القانون رقم 54 لسنة 1964 على ضرورة تعيين رئيس هيئة الرقابة الإدارية من بين أعضاء الهيئة بدرجة وكيل وزارة، وبقرار من رئيس الجمهورية. إلا أن تجديد تكليف عمرو عادل حسني للعام الرابع على التوالي، دون تعيينه رسميًا في المنصب، يُعد تجاوزًا للقانون ويُضعف من دور المؤسسات الرقابية في محاربة الفساد وتعزيز الشفافية.
استراتيجية السيسي في تثبيت القيادات الفاشلة
قرار التجديد يوضح استراتيجية النظام في تثبيت القيادات الفاشلة، حيث لم يتم محاسبة الهيئة أو تقييم أدائها على مدار السنوات الماضية. عمرو عادل حسني، الذي لم ينجح في مكافحة الفساد أو تطوير الأداء الرقابي، تم تجديد تكليفه مجددًا، ما يرسخ فكرة أن ولاء الفرد للنظام أهم من كفاءته، وأن الفشل ليس عائقًا أمام استمرار الشخص في المناصب الرفيعة.
التفنن في استخدام التكليفات لتوطيد السيطرة
السيسي اعتمد أسلوب "التكليف المؤقت" بشكل متكرر لتثبيت ولاء القيادات، خصوصًا في المناصب الحساسة. هذه التكليفات المتتالية تسمح له بالتحكم في حركة المناصب العليا دون الخضوع لأي آليات تقييم حقيقي. كل قرار بتجديد التكليف أو تعديل القيادات يعكس إرادة فردية، ويُبقي على تحكم النظام بمفاصل الدولة، بعيدًا عن الشفافية والمحاسبة.
آثار التجديدات على مؤسسات الدولة والثقة الشعبية
التمديد المستمر للقيادات الفاشلة يؤدي إلى تراجع الثقة في المؤسسات، ويضعف أي جهود حقيقية لمكافحة الفساد. المواطنين يشعرون بأن أي هيئة رقابية أصبحت مجرد "واجهة" للسلطة، بينما الفساد مستمر دون رادع. استمرار التجديدات بهذا الشكل يخلق بيئة مكتملة لتقوية سلطة الفرد الواحد على الدولة، ويضعف أي إمكانية للتغيير أو تطوير الأداء المؤسسي.
تعيينات متكررة في المناصب الرفيعة: تعزيز للسلطة المركزية
تُظهر القرارات الجمهورية الأخيرة استمرارًا لنهج تكليف القائمين بالأعمال في المناصب العليا، مما يُمهد الطريق لتعزيز السلطة المركزية وتهميش دور المؤسسات المستقلة. من بين هذه التعيينات:
حسن عبد الله: تم تجديد تكليفه قائمًا بأعمال محافظ البنك المركزي المصري لعام رابع في أغسطس 2025، مما يثير تساؤلات حول استمرارية السياسات النقدية في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
المستشار محمد الفيصل يوسف: جُدد تكليفه للقيام بأعمال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات في أغسطس 2025، مما يُعزز من السيطرة التنفيذية على الجهاز الرقابي.
آراء الخبراء: مخاوف من تراجع استقلالية المؤسسات
أعرب عدد من الخبراء عن قلقهم من استمرار نهج تكليف القائمين بالأعمال في المناصب العليا، مؤكدين أن ذلك يُضعف من استقلالية المؤسسات ويُكرس للسلطة التنفيذية.
قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد عبد الحافظ: "استمرار تكليف القائمين بالأعمال في المناصب العليا يُعد مخالفة قانونية ويُضعف من دور المؤسسات الرقابية في محاربة الفساد وتعزيز الشفافية".
وأخيرا فإن استمرار تجديد تكليف القائمين بالأعمال في المناصب العليا دون تعيينهم رسميًا يُعد تجاوزًا للقانون ويُضعف من دور المؤسسات الرقابية في محاربة الفساد وتعزيز الشفافية. من الضروري أن تلتزم السلطة التنفيذية بالقوانين المنظمة لتعيين شاغلي المناصب العليا، وأن تُعزز من استقلالية المؤسسات الرقابية لضمان تحقيق التنمية المستدامة ومكافحة الفساد.