تداول طلاب من مدارس المتفوقين رسالة استغاثة تحت عبارة "انقذونا قبل ما حقنا يروح"، يندّدون فيها بما وصفوه بـ"الظلم والتلاعب" خلال عملية تسجيل الرغبات على موقع التنسيق الإلكتروني.

الطلاب يتحدثون عن حالات تغيير رغبات دون إذنهم، ومقاعد تقلصت أو أغلقت أمامهم رغم أن نظام القبول المَعَدّ لهم يفترض أن يضمن لهم "كليات القمة".

هذه الاستغاثات ظهرت علنًا في منصات إعلامية واجتماعية خلال أواخر أغسطس 2025، وأثارت حالة من القلق العام بين أسرهم ومدارسهم.
 

كم عدد المتأثرين؟ الأرقام الرسمية والمعطيات المتضاربة
السلطات رقّمت فئة "أوائل الثانوية" بـ1500 طالب تمتعوا باستثناءات في قواعد التوزيع الجغرافي عند التنسيق (500 علوم، 500 رياضيات، 500 أدبي).

قرار صدر وتردد على الصحف في يوليو/أغسطس 2025، لكن الطلاب من مدارس المتفوقين يقولون إن هذا التميز لم يكن واضح التطبيق عمليًا، وأن حالات فردية لتعديل الرغبات أو فقدان مقاعد تحولت إلى ظاهرة أوسع من مجرد "حالات فردية".

إحصاء رسمي موحّد عن عدد الطلاب المتضررين لم يُعلن حتى الآن؛ ما يثير تساؤلات عن شفافية الجهاز المسؤول.

عملية التنسيق التي تضم 1500 طالب من طلبة مدارس المتفوقين (STEM) فقد شهدت العديد من التجاوزات والظلم بحق هؤلاء الطلاب الذين يمثلون النخبة العلمية، حيث تم تجريدهم من حقوقهم في اختيار التخصصات التي تناسب مؤهلاتهم ومستوى تفوقهم، مما أدى إلى ضياع فرصهم في التخصصات العلمية والهندسية والطبية الحرجة.

وقال عدد من الطلاب إن التنسيق تم بطريقة تعسفية غير شفافة، وتخضع ليد الدولة التنفيذية التي تجاهلت طلباتهم وأخضعتهم لظلم واضح، ما أدى إلى حالة استغاثة كبيرة بينهم وبين أولياء أمورهم تحت شعار "انقذونا قبل ما حقنا يروح".
 

أمثلة واقعية.. طالبة فقدت حلم الطب
في واقعة متداولة، كشفت تقارير صحفية عن طالبة من مدارس المتفوقين اكتشفت بعد إغلاق باب التسجيل أن رغباتها تغيرت فأصبحت مقيدة بكلية العلوم بدلًا من كلية الطب، على الرغم من أن مجموعها يؤهّلها للالتحاق بالطب.

التحقيقات الأولية أظهرت أن شخصًا ثالثًا دخل إلى حسابها مستخدمًا رقمها السري، وهو ما استنكرته الأسرة والمدرسة، وطالبوا الوزارة بالتدخل الفوري لاستعادة حق الطالبة.

وزارة التعليم العالي أعلنت أنها تداركت بعض الحالات وأن حقوق بعض الطالبات "استعيدت".

هذه التصريحات الرسمية جاءت على لسان مشرفي مكتب التنسيق خلال الأيام الأخيرة من أغسطس 2025.
 

تفسير الوزارة وردودها الرسمية
المشرف العام على التنسيق، د. جودة غانم، أشار إلى أن هناك "آليات للتعامل" وأن حالات تعديل الرغبات تم التعامل معها بحزم وشفافية، وأن هناك إمكانية للتعديل والاعتراض خلال فترة محددة، وأن النظام يعتد بآخر تسجيل يقوم به الطالب.

تصريحات الوزارة هدفت لاحتواء الغضب العام لكنها لم تقدم رقماً واضحًا عن عدد الشكاوى أو آلية التحقيق الكامل في حالات التلاعب المحتمل.

في الوقت نفسه أوردت صحف محلية أن هناك تنسيقًا خاصًا لطلاب مدارس المتفوقين وكليات مخصصة لهم، ما يزيد التناقض بين كلام "الحقوق المضمونة" وبين تجربة طلاب يشتكون من ضياع فرصهم.
 

لماذا يحدث هذا الآن؟

أولًا، الاعتماد المتزايد على نظم إلكترونية دون توفير حوكمة قوية أو رقابة مستقلة يجعل الأخطاء والتلاعبات أكثر تأثيرًا.
ثانيًا، غياب الشفافية في إحصاءات التنسيق وغياب تقارير مفصّلة عن شكاوى الطلاب يُكرّس انطباعًا بأن الدولة وليس مجرد أخطاء إدارية لا تعطي أولوية لحماية حقوق الطلبة.
ثالثًا، التوزيع الخاص لفئة "1500 أوائل" الّذي صيغ بسرعة في قرارات وزارية أثار شعورًا بالمحاباة والتمييز، بينما لم يصحب ذلك نشر آليات واضحة للاحتكام والشكاوى.

هذه العوامل مجتمعة تفسر لماذا تحوّلت مشكلة فردية إلى أزمة ثقة لدى أسر مئات الطلاب.
 

تداعيات على ثقة الأسر والمستقبل الوظيفي للطلبة
خسارة مقعد في كلية مثل الطب أو هندسة القاهرة تعني بالنسبة لكثير من الأسر فرقًا جذريًا في المسار المهني والاجتماعي والاقتصادي.

عندما يشعر 1500 طالب أو حتى مئات منهم بأن حقًا ضاع بسبب خلل إداري أو تلاعب، فإن الضرر يتجاوز الفرد إلى مجتمع بأكمله يفقد الثقة في مؤسسات الدولة التعليمية.

زيادة الشعور بالظلم تدفع العائلات للبحث عن حلول بديلة باهظة الثمن (دورات خاصة، ضغط على القنوات السياسية)، أو للاستسلام لتوجيهات قد لا تتوافق مع قدرات الطالب الحقيقية.
 

ماذا يجب أن يحدث الآن؟ مطالب الطلاب

  1. نشر قائمة كاملة بعدد الشكاوى والتحقيقات والنتائج.
  2. فتح تحقيق مستقل وشفاف في حالات تغيير الرغبات والولوج غير المصرح به إلى حسابات الطلبة.
  3. آلية تعويض فعّالة واستعجال إعادة الحقوق المتأخرة.
  4. مراجعة نظام الحماية الإلكترونية لكودات الدخول وإلزام المدارس بتسليمها بطريقة محصنة.

الطلاب وأولياء الأمور يطالبون كذلك بإشراف جهات مدنية أو قضائية على نتائج التنسيق لمنع أي مساس بحقهم.
 

قضية طلابية أم اختبار لمصداقية الدولة؟
قضية "أنقذونا قبل ما حقنا يروح" ليست مجرد شكاوى طلابية منعزلة؛ بل اختبار لمدى التزام مؤسسات الدولة بحقوق أبنائها أمام أنظمة إلكترونية وانتقائية في السياسات.

إن فشل الدولة في تقديم إجابات واضحة، أرقام دقيقة، وإجراءات تعويضية، سيعمّق الهوة بين الشباب ومؤسسات صنع القرار، ويزيد الشك في أن ما يُعدّ ميزة لفئة ما يصبح، عمليًا، نافذة فقدان للحق عند الفئات الأخرى. الطلاب اليوم يصرخون بصوت واحد — فهل ستسمعهم القيادة أم ستبقى وعود الإصلاح شعارًا بلا أثر؟