أثار نبأ وفاة اللواء شريف زهير، مساعد وزير الداخلية للتدريب، حالة من الجدل والتساؤلات، خاصة أنها جاءت بعد مرور شهر واحد فقط على ترقيته إلى هذا المنصب الرفيع. اللواء زهير لم يكن شخصية عادية في هيكل وزارة الداخلية، فقد ارتبط اسمه بوحدات "بلاك كوبرا"، التي طالما أثارت القمع في الشارع المصري بسبب طبيعة عملها الوحشية في مواجهة المعارضين والمظاهرات.
وزارة الداخلية أعلنت وفاة زهير إثر وعكة صحية مفاجئة، من دون تقديم تفاصيل إضافية حول طبيعة المرض أو الظروف التي أدت إلى الوفاة. هذا الغموض فتح الباب أمام تكهنات واسعة، خاصة في ظل الصراعات الخفية داخل الأجهزة الأمنية، وتاريخ هذه الوحدات المثيرة للجدل.
من هو شريف زهير؟
اللواء شريف زهير كان أحد أبرز الضباط في قطاع الأمن المركزي، وتولى قيادة وحدات «بلاك كوبرا» التي ظهرت في فترات الاضطرابات السياسية عقب ثورة يناير 2011، ولعبت دورًا أساسيًا في فض المظاهرات والاعتصامات بالقوة، بما في ذلك أحداث ميدان النهضة ورابعة العدوية.
معروف عن زهير قربه الشديد من دوائر صنع القرار داخل وزارة الداخلية، وقد حصل على ترقيات متتالية في عهد النظام الحالي، وصولًا إلى منصبه الأخير كمساعد للوزير للتدريب، وهو المنصب الذي يشرف على إعداد الضباط وأفراد الشرطة على أحدث أساليب المواجهة والسيطرة.
جدل حول "بلاك كوبرا" وتاريخ القمع
وحدة "بلاك كوبرا" التي قادها زهير سابقًا، ليست وحدة عادية، بل تم إنشاؤها لتكون ذراعًا ضاربة في مواجهة الاحتجاجات والتجمعات المعارضة، وتتميز أعضاؤها بتدريب عالٍ على القتال في الشوارع واستخدام الأسلحة المتنوعة.
منظمات حقوقية عديدة وجهت انتقادات حادة لهذه الوحدة، متهمة إياها بارتكاب انتهاكات واسعة، تشمل الضرب المبرح، التعذيب، والقتل خارج إطار القانون، خلال فض المظاهرات في القاهرة وعدة محافظات.
ورغم هذه الاتهامات، لم تتم محاسبة أي من قادة الوحدة أو أفرادها، بل جرت ترقيتهم ومنحهم امتيازات، ما يعكس سياسة النظام في مكافأة من يثبت ولاءه في مواجهة المعارضة.
وفاة غامضة بعد الترقية.. مصادفة أم رسالة؟
ما يزيد الغموض هو التوقيت؛ وفاة مفاجئة بعد شهر فقط من ترقيته لمساعد وزير الداخلية. البعض يرى أن الأمر طبيعي، خاصة مع الضغوط التي يتعرض لها كبار الضباط، بينما يرى آخرون أن وفاته قد تكون مرتبطة بصراعات داخلية أو ملفات حساسة كان يديرها في الفترة الأخيرة.
تساؤلات تطرح نفسها: هل تعرض زهير لضغوط بسبب خلافات على ملفات التدريب وإدارة الموارد؟ أم أن الوفاة مجرد مصادفة لا علاقة لها بالسياسة؟ حتى الآن لا إجابة رسمية واضحة، والوزارة تلتزم الصمت، مكتفية ببيان مقتضب ينعي الراحل.
ردود فعل غامضة وصمت رسمي
وسائل الإعلام الموالية للنظام تناولت الخبر بشكل مقتضب، من دون أي تفاصيل عن مراسم الجنازة أو تصريحات من المقربين، وهو ما يعزز حالة الشكوك والتكهنات التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر البعض أن ما يحدث داخل الأجهزة الأمنية لا يخرج إلى العلن إلا عندما يتعلق الأمر برسالة أو تصفية حسابات.
في المقابل، هناك من يرى أن وفاة الضباط الكبار بشكل مفاجئ ليست أمرًا نادرًا في ظل طبيعة العمل المليئة بالتوتر والضغوط، خاصة مع تقدمهم في العمر وتعرضهم لمجهود بدني وعصبي كبير.
هل نعرف الحقيقة؟
وفاة اللواء شريف زهير ستظل مثار جدل لفترة طويلة، سواء بسبب تاريخه الأمني المثير للجدل أو بسبب ظروف رحيله الغامضة بعد فترة قصيرة من الترقية. وبين من يرى في الحادث مجرد قضاء وقدر، ومن يشك في وجود صراعات داخلية وحسابات معقدة، يبقى السؤال الأهم: هل تكشف الأيام القادمة حقيقة ما جرى، أم أن الأمر سينضم إلى قائمة طويلة من الأسرار التي تبتلعها دهاليز وزارة الداخلية؟