أثارت حادثة احتجاز متظاهرين أميركيين من أصول مصرية وعربية داخل مقر بعثة مصر لدى الأمم المتحدة في نيويورك، عاصفة من الجدل السياسي والحقوقي في الأوساط الدولية والمصرية، وسط تصاعد المطالبات بمحاسبة المسؤولين وعلى رأسهم وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الذي يُتهم بإعطاء تعليمات مباشرة للتعامل بقسوة مع أي محتجين أمام السفارات المصرية في الخارج.

وبحسب ما وثّقته مقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية أميركية، ظهر عناصر من أمن البعثة المصرية وهم يسحبون شابين بالقوة إلى داخل المبنى الواقع في مانهاتن، قبل أن تتدخل الشرطة الأميركية وتخرج المتظاهرين لاحقًا وتطلق سراحهما.

وأفادت المصادر بأن أحد المحتجزين يدعى "علي"، وهو شاب لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، ما جعل الواقعة تُصنّف قانونيًا في الولايات المتحدة كـ"اختطاف قاصر"، وهي جريمة تصل عقوبتها إلى 40 عامًا من السجن.

وقد أعلنت شرطة نيويورك الإفراج عنه وإسقاط التهم التي حاولت البعثة إلصاقها به، فيما يستعد فريق من المحامين ومنظمات حقوقية لمقاضاة البعثة المصرية أمام القضاء الأميركي.

موجة غضب واحتجاجات
انتشار الفيديو أثار موجة غضب كبيرة، حيث دعت منظمة "في حياتنا" المؤيدة للقضية الفلسطينية إلى تنظيم مظاهرات أمام مقر البعثة المصرية في نيويورك للتنديد بما وصفته بـ"اعتداء خطير على متظاهرين سلميين"، وربطت بين هذه الممارسات وبين "تواطؤ الدولة المصرية مع الإبادة الإسرائيلية الأميركية بحق الفلسطينيين في غزة".

خلفية سياسية مثيرة للجدل
الواقعة لم تأتِ بمعزل عن تصريحات سابقة لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، الذي ظهر قبل أسبوع في برنامج "مساء DMC"، مؤكدًا أنه وجّه تعليمات صارمة إلى البعثات والسفارات المصرية في الخارج بعدم السماح بأي تجاوز من المتظاهرين على مقراتها، بل وصل به الأمر إلى المطالبة بـ"إدخال أي محتج بالقوة وتسليمه للشرطة".

وفي تسريب لاحق لاجتماع بالفيديو كونفرانس بين عبد العاطي وعدد من السفراء المصريين، ظهر الوزير وهو يوبّخ السفير المصري في هولندا عماد حنا، على خلفية حادثة وضع شاب مصري أقفالًا حديدية على أبواب السفارة هناك، قائلًا:

"أي حد يلمس السور أو يحط قفل.. نطلّع عينه وندخله جوه.. ونقول الشرطة إنه اتحرش بالسفارة".

هذا التسريب زاد من الاتهامات الموجهة لعبد العاطي بأنه أصدر أوامر مباشرة بالتصعيد الأمني ضد أي متظاهرين أمام البعثات المصرية بالخارج، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية "تحريضًا على انتهاك القوانين الدولية".

تداعيات دبلوماسية وقانونية
المتابعون للشأن الدبلوماسي يرون أن ما حدث يمثل فضيحة دولية قد تضع القاهرة في مواجهة أزمة جديدة مع واشنطن، خاصة أن الاعتداء طال مواطنين أميركيين داخل أراضي الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يُفهم على أنه "انتهاك للسيادة الأميركية" و"جريمة يعاقب عليها القانون".

كما أن المطالبات بإقالة وزير الخارجية تعكس حجم الغضب من إدارة الملف الدبلوماسي، حيث اعتبرت قوى معارضة أن عبد العاطي "حوّل السفارات إلى مراكز احتجاز غير شرعية"، بدلًا من كونها مؤسسات لتمثيل الدولة المصرية وتقديم خدماتها للمواطنين.