في مثل هذه الأيام قبل خمس سنوات، رحل القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور عصام العريان، داخل محبسه بسجن العقرب شديد الحراسة، تاركًا خلفه سيرة سياسية ونضالية حافلة، وملفًا مثقلًا بالاتهامات ضد سلطات السجون بشأن التعذيب والإهمال الطبي الممنهج بحق المعتقلين.
العريان، الذي وُلد عام 1954، كان أحد أبرز الوجوه السياسية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وعضوًا في مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة. خاض مسيرة برلمانية وسياسية واسعة، وواجه على مدار أربعة عقود موجات متكررة من الاعتقال في عهد أنور السادات، وحسني مبارك، وعبد الفتاح السيسي.
من رابعة إلى “العقرب”.. ليلة النهاية
في مساء 13 أغسطس 2020، عشية الذكرى السابعة لفض اعتصام رابعة العدوية، وقعت مشادة داخل السجن بين الدكتور العريان ورئيس مباحث السجن، سرعان ما تحولت – وفق روايات متطابقة – إلى اعتداء جسدي مباشر من قِبل عدد من الضباط. تقول شهادات مسربة من داخل السجن، بينها إفادة أحد المجندين، إن الاعتداء أدى إلى وفاته في الحال، قبل أن تبدأ سلسلة إجراءات أمنية محكمة شملت دفنه السريع، ومنع أسرته من رؤيته أو المشاركة في تغسيله وتكفينه.
روايات الناشطين والمراقبين تشير إلى أن السلطات تعاملت مع جثمانه بطريقة غير مألوفة حتى في حالات الوفاة الطبيعية داخل السجون، إذ لم يُسلَّم الجثمان للأهل، ولم يُسمح لهم بحضور مراسم الوداع الأخيرة، بل جرى كل شيء تحت رقابة أمن الدولة وبغياب أي رقابة قضائية مستقلة.
سنوات الاعتقال والانتهاكات
منذ اعتقاله في 2013 عقب الانقلاب العسكري على الرئيس الراحل محمد مرسي، ظل العريان رهن الحبس الانفرادي لفترات طويلة، وتعرض لما تصفه منظمات حقوقية بـ"القتل البطيء" عبر الإهمال الطبي المتعمد. كان يعاني من التهاب كبدي فيروسي (فيروس سي)، وأكد في إحدى جلسات محاكمته أن إدارة السجن ترفض منحه العلاج اللازم، محذرًا من أن عدداً من زملائه توفوا لنفس السبب.
سجن العقرب، الذي لقي فيه العريان حتفه، يُعرف بين النشطاء بـ"مقبرة الأحياء"، بسبب ظروفه القاسية التي تشمل الحرمان من الزيارة، والحبس الانفرادي، وانعدام الرعاية الطبية.
دعوات للتحقيق الدولي
عقب وفاته، أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بيانًا طالبت فيه المجتمع الدولي بتشكيل لجنة طبية وقانونية مستقلة للتحقيق في ملابسات وفاته، مؤكدة أن ما جرى يمثل "جريمة اغتيال" سياسية. البيان، الصادر عن المتحدث الإعلامي للجماعة د. طلعت فهمي، حمّل سلطات الانقلاب العسكري المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة جميع المعتقلين، داعيًا المنظمات الحقوقية العالمية إلى الضغط من أجل كشف الحقيقة.
ذكراه بعد خمس سنوات
في الذكرى الخامسة لرحيله، استذكر رجل الأعمال نجيب ساويرس، عبر حسابه على منصة "إكس"، القيادي الراحل، وكتب: "الله يرحمه ويحسن إليه، خالص تعزيتي لأسرته الكريمة"، في رد على منشور للإعلامي أسامة جاويش. لم يوضح ساويرس أسباب اختياره للتعليق على هذه الذكرى بعد مرور 5 سنوات على وفاته، لكن كلماته أعادت اسمه للذاكره.