أعلنت شركة نيوميد، أحد الشركاء في حقل ليفياثان الإسرائيلي للغاز الطبيعي، عن توقيع صفقة ضخمة يوم الخميس لتصدير الغاز إلى مصر، بقيمة تقديرية تصل إلى 35 مليار دولار، لتُعد بذلك أكبر صفقة تصدير في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي على الإطلاق في قطاع الطاقة.

وقالت شركة نيو ميد، أحد الشركاء في حقل ليفياثان الإسرائيلي للغاز الطبيعي، اليوم الخميس، إن الحقل وقع صفقة تصل قيمتها إلى 35 مليار دولار لتزويد مصر بالغاز الطبيعي، وهي أكبر صفقة تصدير بالنسبة لإسرائيل على الإطلاق. ويعتزم حقل ليفياثان، الواقع في شرق البحر المتوسط قبالة ساحل دولة الاحتلال وتبلغ احتياطياته نحو 600 مليار متر مكعب، بيع نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز لمصر حتى عام 2040 أو حتى يتم استيفاء جميع الكميات المنصوص عليها في العقد، وفقًا لـ"رويترز".

وذكرت نيوميد أن الحقل سيصدر الكمية المتبقية، البالغة 110 مليارات متر مكعب، في مرحلة ثانية تبدأ بعد اكتمال مشروع توسعة حقل ليفياثان وإنشاء خط أنابيب جديد لنقل الغاز من إسرائيل إلى مصر من خلال معبر نيتسانا (العوجة) في إسرائيل.

وأضافت الشركة أن توسعة حقل ليفياثان ستسمح باستمرار الإنتاج والإمدادات لداخل إسرائيل وجيرانها حتى عام 2064.

 

خسائر مصر في صفقة الغاز

وشهدت مصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي على مدى العامين الماضيين، نتيجة لضغوط الماليات الحكومية وقله إمدادات الغاز الطبيعي.

وفي عهد قائد الانقلاب السيسي، تخلت القاهرة عن خططها لتصبح مركزًا لتزويد أوروبا بالغاز، وعادت لكونها مستوردًا صافيًا للغاز، إذ وقعت خلال الأشهر القليلة الماضية اتفاقيات مع شركات طاقة وشركات تجارة لشراء ما بين 150 و160 شحنة من الغاز الطبيعي المسال.

وبموجب اتفاق اليوم الخميس، سيزود حقل ليفياثان مصر في المرحلة الأولى بنحو 20 مليار متر مكعب من الغاز بدءا من أوائل عام 2026 بعد ربط خطوط أنابيب إضافية.

وكشفت وكالة بلومبيرج الأميركية قبل أيام عن تقديرات تشير إلى أن فاتورة واردات مصر من الغاز الطبيعي المسال قد ترتفع إلى نحو 20 مليار دولار هذا العام، بزيادة تقارب 60% مقارنة بـ12.5 مليار دولار خلال العام الماضي، في ظل تزايد الطلب المحلي وتراجع الإنتاج.

وبدأ حقل ليفياثان تزويد مصر بالغاز بعد وقت قصير من بدء الإنتاج في عام 2020. ووقعت الشركة اتفاقية أولية في عام 2019 لتزويد القاهرة بحوالي 60 مليار متر مكعب أو 4.5 مليارات متر مكعب سنويًا، ومن المتوقع أن يجرى تزويدها بالكامل في السنوات الأولى من العقد الذي يبدأ في 2030. وقالت شركة نيوميد إن ليفياثان، أكبر حقل للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، زوّد مصر بنحو 23.5 مليار متر مكعب من الغاز منذ عام 2020.

وتستورد مصر بشكل أساسي الغاز الطبيعي من تل أبيب منذ عام 2020، إذ تُقدَّر الكمية بنحو 800 مليون قدم مكعبة يوميًا. ويُقدَّر إنتاج مصر من الغاز الطبيعي حاليًا بنحو 4.2 مليارات قدم مكعبة يوميًا، بينما يبلغ الطلب المحلي نحو 6.2 مليارات قدم مكعب يوميًا، ويرتفع عادة إلى 7 مليارات قدم مكعبة يوميًا خلال أشهر الصيف، مع تزايد الطلب على الكهرباء، خصوصًا من أجل التبريد.

 

تعزيز مكانة إسرائيل

وتشكل الصفقة الجديدة محطة مفصلية في التعاون الإقليمي في مجال الطاقة، إذ تعزّز مكانة إسرائيل مصدرًا رئيسيًا للغاز في شرق المتوسط، في وقت تسعى فيه مصر إلى تلبية احتياجات الأسواق المحلية وتفادي حدوث انقطاعات في الكهرباء خلال فصل الصيف، مع ترسيخ موقعها مركزًا إقليميًا لتسييل وتجارة الغاز. وتندرج هذه الخطوة ضمن شبكة تعاون أوسع تشمل اليونان وقبرص، في ظل سعي أوروبا لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.

 

دوافع اقتصادية وجيوسياسية

تعكس هذه الصفقة التحولات الجيوسياسية في المنطقة وفق محللين، حيث بات الغاز عنصرًا مهمًا في إعادة تشكيل العلاقات الإقليمية، حتى بين دول كان يسودها التوتر سابقًا. وتوفر الاتفاقية دفعة اقتصادية للطرفين، إذ تحتاج مصر إلى كميات إضافية من الغاز الطبيعي لتغطية الطلب المرتفع من قبل قطاع الصناعة والطاقة وتوليد الكهرباء، فيما تسعى إسرائيل إلى تعزيز صادراتها في ظل ارتفاع أسعار الطاقة. وتأتي هذه الخطوة في سياق عالمي يشهد تقلبات حادة في أسواق الطاقة، مع تزايد الحاجة لتنويع مصادر الإمداد، وهو ما يعزز أهمية مشاريع البنية التحتية للغاز، مثل خطوط الأنابيب ومحطات التسييل في شرق المتوسط.