أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بإصابة 6 جنود إسرائيليين، أحدهم في حالة حرجة، خلال اشتباكات عنيفة جنوبي القطاع، بينما تم إحباط ما وصفته "هيئة البث الإسرائيلية" بمحاولة اختراق خطيرة لموقع عسكري محصن في مدينة خان يونس، كادت أن تنتهي بكارثة كبرى في صفوف الجيش الإسرائيلي.
وبحسب موقع "حدشوت بزمان"، فإن الجنود المصابين جرى إجلاؤهم بطائرة مروحية عسكرية إلى مستشفى "شعاري تسيدك" في القدس، وذلك عقب ما وصفته المنصات العبرية بـ"حدث أمني"، وهو المصطلح الذي دأب الاحتلال على استخدامه حين تتعرض قواته لهجمات مباشرة من قبل المقاومة، في محاولة للتهوين من الخسائر أو التعتيم على حجم العمليات.
وفي بيان مقتضب، قالت "هيئة البث الإسرائيلية" إن "كارثة تم تجنبها في خان يونس" بعد محاولة مقاومين فلسطينيين اقتحام موقع محصن تابع للواء كفير، دون أن تقدم تفاصيل إضافية حول كيفية إحباط الهجوم أو حجم الأضرار.
مقاومة تتصاعد وقتلى في كمائن
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه جبهات غزة تصعيداً لافتاً في عمليات المقاومة، لا سيما في محاور التوغل جنوب القطاع، في خان يونس ورفح، حيث أشارت مصادر إسرائيلية إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجيش خلال الأيام الأخيرة.
وكان أبرز تلك العمليات كمين نوعي نفذته "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يوم السبت الماضي، أسفر عن مقتل 3 جنود، بعد استهداف ناقلتي جند داخل قمرات القيادة بعبوتين ناسفتين، ومن ثم استهداف ناقلة ثالثة بقذيفة من نوع "الياسين 105"، بحسب ما أعلنته الكتائب.
من غزة إلى الداخل الإسرائيلي: الجبهة النفسية تتصدع
وفي الوقت الذي تتزايد فيه خسائر الاحتلال في الميدان، يبدو أن الجبهة النفسية داخل الجيش الإسرائيلي باتت تترنح على وقع صدمة الحرب. فقد أوردت وسائل إعلام عبرية أن جندياً في الاحتياط يُدعى "أرئيل مئير تامام" أقدم على الانتحار داخل منزله في مستوطنة أوفاكيم، بعد أن عمل طويلاً ضمن فرق التعرف على جثث القتلى الإسرائيليين منذ اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023.
هذه الحادثة ترفع عدد الجنود المنتحرين في أقل من أسبوعين إلى خمسة، في وقت تشير فيه تقارير إلى أن العدد الإجمالي للجنود المنتحرين منذ بدء الحرب بلغ 47، وسط اتهامات لجيش الاحتلال بالتعتيم على الأرقام الحقيقية.
وأفاد تقرير نشره موقع "i24NEWS" نقلاً عن دراسة مشتركة بين جامعة تل أبيب والجيش الإسرائيلي، أن نحو 12% من الجنود يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، فيما يتعرض الآلاف لحالات قلق حاد واكتئاب، دون وجود استجابة فعلية من القيادة العسكرية.
تعتيم رسمي ومطالب بالتحقيق
في مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي "إيفي دوفرين"، رفض الإفصاح عن الإحصاءات الرسمية للمنتحرين في عام 2025، قائلاً إن "كل جندي هو عزيز علينا، لكن لا يمكن نشر كل شيء على العلن"، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة في أوساط سياسية وعسكرية، دفعت تسعة أعضاء من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست للمطالبة بعقد جلسة طارئة لبحث الظاهرة.
من جهتها، كشفت منظمة "إيران" للصحة النفسية، أنها تلقت أكثر من 6 آلاف اتصال من جنود يواجهون ضغوطاً نفسية شديدة منذ بداية الحرب، مشيرة إلى أن 28% من المكالمات تتعلق باضطرابات نفسية حادة، في حين عبّر نحو ثلث المتصلين عن شعور عميق بالوحدة والعزلة.
وأكدت الدكتورة شيري دانييلز، المديرة المهنية للمنظمة، أن كثيراً من الجنود يواجهون صعوبات في طلب المساعدة النفسية أو الاعتراف بأنهم بحاجة للدعم، ما يؤدي إلى تفاقم الحالة النفسية وصولاً إلى الانتحار.
حرب بلا أفق.. وأرقام مفزعة
منذ انطلاق الحرب في أكتوبر 2023، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حربه المدمرة على قطاع غزة، مخلفاً دماراً ودماء غير مسبوقة. وتشير آخر الإحصاءات الفلسطينية والدولية إلى استشهاد نحو 60 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 145 ألفاً، فضلاً عن تهجير قرابة جميع سكان القطاع، في مشهد يعيد إلى الأذهان مشاهد الحروب الشاملة في التاريخ الحديث.