خرج المدرب الإسباني بيب جوارديولا، المدير الفني لنادي مانشستر سيتي، عن صمته متحدثًا بمرارة وإنسانية عن المأساة التي يشهدها قطاع غزة، في ظل حرب ضروس يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وسط صمت عالمي وصفه بـ"اللا إنساني".
وفي تصريحات إعلامية لقيت صدى واسعًا، انتقد جوارديولا بشدة التجاهل العالمي لما يحدث في فلسطين، مؤكدًا أن المأساة تبث بشكل حي ومباشر على شاشات العالم، ومع ذلك لا أحد يحرك ساكنًا.
غزة في قلب مدرب عالمي: "أين الإنسانية؟"
قال جوارديولا: "من المفترض أننا نمتلك إنسانية، ولكن ذلك لا يظهر عندما يتعلق الأمر بفلسطين. الجميع يشاهدون ما يحدث ولا يحركون إصبعًا.. المأساة تقع على بُعد 3 أو 4 ساعات منا فقط، ومع ذلك نلعب ونشاهد وكأن الأمر لا يعنينا".
وشبّه جوارديولا هذه المشاهد الفظيعة بالحروب الكبرى في التاريخ، مشيرًا إلى أن الفارق أن العالم اليوم يشاهد التفاصيل لحظة بلحظة، عكس ما جرى في الحربين العالميتين الأولى والثانية، التي لم تصل صورها إلى الناس بنفس هذه الطريقة.
الذكاء العاطفي أقوى من الذكاء الاصطناعي
وفي جانب آخر من تصريحاته، أشار جوارديولا إلى التغيرات التقنية التي يشهدها العالم، وقال: "الذكاء الاصطناعي بات موجودًا في كل مكان، لكنه لن يستطيع أن يحل مكان الذكاء العاطفي. هناك أشياء لا تُبرمج ولا تُعوض، مثل نظرة العين، حضن العائلة، والمشاعر الحقيقية التي لا تولد من الخوارزميات".
وأضاف: "نحتاج إلى التوازن، فالتقنية تخدمنا ولكن لا يجب أن تسلبنا إنسانيتنا أو قدرتنا على التفاعل العاطفي".
أزمة مدرب مع لاعبيه: "لا أكرههم ولكنهم لا يفهمون"
وتحدث المدرب الإسباني عن تحديات المهنة، خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع اللاعبين، قائلاً: "أحب لاعبيّ كثيرًا، ولكن لديّ مشكلة يومية معهم.. أملك 23 لاعبًا في الفريق، وأضطر لاختيار 11 فقط. في اليوم التالي، يكون لدي 12 لاعبًا غاضبًا يظنون أنني أكرههم، رغم أني أحبهم جميعًا. أتمنى فقط أن يتفهموا قراراتي وأن يحبوني كما أحبهم".
الشغف مستمر.. ولكن النهاية تقترب
وعن مستقبله المهني، أشار بيب إلى أنه ما يزال يحتفظ بشغف كبير تجاه كرة القدم، لكنه يدرك أن هذا الشغف له نهاية، موضحًا: "لم أفقد الشغف بعد، لكن سيأتي اليوم الذي أقرر فيه التوقف. يومٌ ما سأقول لرئيسي: لا أريد أن أضبط المنبه مجددًا.. لا أرغب في حضور المؤتمرات الصحفية كل 3 أيام أو إعداد خطط تكتيكية كل أسبوع".
مهنة بلا رحمة.. ومقارنة صادمة مع بقية المهن
وتحدث بيب عن الضغوط الهائلة التي يتعرض لها المدربون، قائلاً: "في كل ملعب أُقابل هذا الموسم بهتافات ضدي.. 'ستُقال في الصباح'.. تخيل أن هناك 60 ألف شخص يهتفون لإقالتك! أي مهنة في العالم يحدث بها هذا؟ لا المهندس المعماري، ولا الطبيب، ولا الصحفي.. فقط نحن المدربون".
وأضاف ساخرًا: "صديقي الكاتب يقول لي: أتمنى أن تُنتقد كتبي بنفس الحدة التي تُنتقد بها خسائرك، لأن هذا يعني أن الناس تقرأها.. وأنا أقول: كم من الرسامين يتمنون أن يرى الملايين لوحاتهم كما يرى الناس مبارياتنا؟ إنها نعمة ونقمة في الوقت ذاته".