تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الثاني على التوالي، عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بإعادة عشرات الشاحنات القادمة من مصر رغم عبورها معبر رفح ووصولها إلى معبر كرم أبو سالم المخصص للتفتيش قبل السماح بالدخول.
وتأتي هذه الخطوة في وقت يعيش فيه سكان القطاع أوضاعًا إنسانية كارثية، وسط تصاعد التحذيرات الدولية من مجاعة وشيكة وانهيار شبه كامل للنظام الصحي.
وكشف مصدر مصري مطلع في معبر رفح البري، أن عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات، والتي انطلقت منذ الساعات الأولى من صباح الاثنين من مستودعات الإمداد المصرية، تم إرجاع عدد منها من قبل السلطات الإسرائيلية دون تقديم أي تفسير رسمي. ولفت إلى أن الشحنات التي تم رفضها كانت تحمل مواد غذائية حيوية كالقمح والدقيق، ومستلزمات طبية عاجلة، معتبراً أن "الرفض الإسرائيلي لا يستند إلى أي مبرر واضح، ويعرقل الجهود الإنسانية التي تقودها مصر وعدة منظمات دولية".
وبحسب المصدر، فإن جزءًا من تلك المساعدات مصدره مؤسسات دولية وأخرى عربية، فيما يلعب الهلال الأحمر المصري دورًا رئيسيًا في جمع وتنسيق توزيع هذه الإمدادات، ضمن قافلة "زاد العزة.. من مصر إلى غزة" التي أطلقتها مصر مؤخراً استجابة للكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع المحاصر.
وفي هذا السياق، أعلن الهلال الأحمر المصري أن قافلة يوم الاثنين ضمّت 135 شاحنة مساعدات، تحمل ما يقرب من 1500 طن من المواد الإنسانية، من بينها 965 طنًا من السلال الغذائية، و350 طنًا من الدقيق، إلى جانب 200 طن من مستلزمات العناية الشخصية. ويأتي ذلك بعد إرسال أكثر من 100 شاحنة في اليوم الأول، تحمل نحو 1200 طن من الأغذية.
ومع أن إسرائيل أعلنت، عبر قنوات غير رسمية، أنها بدأت السماح بدخول المساعدات "بشكل تدريجي"، فإن منظمات حقوقية ومراقبين يعتبرون هذا الإعلان غطاءً لسياسة مقصودة تهدف إلى تقنين الإمدادات وتحديد تدفقها بما يخدم أجندتها السياسية والعسكرية، لاسيما مع استمرار العمليات القتالية في مناطق جنوب ووسط غزة.
وفي ظل هذا المشهد المأساوي، تغيب التفسيرات الرسمية الإسرائيلية حول أسباب إرجاع المساعدات، فيما ترتفع أصوات دولية تندد بما تصفه بـ"سياسة التجويع الجماعي"، محذرة من أن عرقلة دخول الإغاثة قد ترقى إلى جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، خصوصًا في ظل استهداف المدنيين وانهيار الخدمات الأساسية في غزة.
وتؤكد الأمم المتحدة ووكالاتها، إضافة إلى عدد من المنظمات الدولية، أن استمرار إغلاق أو تعطيل المعابر الحدودية يُفاقم الأزمة الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة، ويهدد حياة ملايين المدنيين، خاصة الأطفال والمرضى. وأشارت تقارير أممية إلى أن نسبة كبيرة من سكان غزة يعيشون حاليًا تحت خط الجوع، في ظل انعدام الأمن الغذائي، ونقص مياه الشرب، وانتشار الأمراض بسبب تلوث المياه وتعطل شبكات الصرف الصحي.
من جهة أخرى، كشف مصدر في اللجنة المصرية العاملة داخل قطاع غزة عن تطور خطير يتمثل في اختفاء جزء كبير من المساعدات التي دخلت عبر معبر كرم أبو سالم، موضحًا أن هذه الشحنات لم تصل إلى مستودعات التوزيع، وتمت سرقتها وبيعها في الأسواق المحلية، في ظل غياب الرقابة داخل القطاع بسبب الانفلات الأمني والانهيار الإداري.