في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نية بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، أعلن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، سحب بلاده وفدها التفاوضي من الدوحة، متهما حماس بعدم إبداء "حسن النية".

وجاء ذلك بالتزامن مع استدعاء الحكومة الإسرائيلية وفدها التفاوضي بعد تسلم رد الحركة على المقترحات المطروحة، بينما تتهم حماس إسرائيل بـ"المماطلة"، فيما تدخل الحرب شهرها الحادي والعشرين وسط أزمة إنسانية متفاقمة تهدد سكان القطاع بالمجاعة، وفق تحذيرات الأمم المتحدة.

انسحاب أمريكا

قال المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، الخميس، إن الولايات المتحدة سحبت مفاوضيها من محادثات الدوحة متهما حركة حماس بعدم إبداء "حسن النية" في التفاوض.

وأوضح ويتكوف في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي: "قررنا سحب فريقنا من الدوحة للتشاور بعد الرد الأخير من حماس، الذي يوضح بجلاء عدم رغبتها في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة"، مضيفا: "رغم الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء، ترفض حماس إبداء المرونة أو التصرف بحسن نية".

وأكد أن واشنطن ستبحث "خيارات أخرى لإعادة الرهائن إلى ديارهم، والعمل على محاولة تحقيق المزيد من الاستقرار لسكان غزة".

 

انسحاب إسرائيل

وقبيل ذلك، أفاد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الدولة العبرية قررت إعادة فريق التفاوض إلى إسرائيل لمواصلة المشاورات، مشيرا إلى أن بلاده "تقدر جهود الوسطاء، قطر ومصر، وكذلك جهود المبعوث الأمريكي ويتكوف في السعي لتحقيق اختراق في المحادثات".

وكانت إسرائيل قد أعلنت في وقت سابق الخميس أنها تلقّت رسميا ردّ حركة حماس على الاقتراح المطروح منذ أكثر من أسبوعين في الدوحة، موضحة أن الرد "قيد الدراسة".

 

رد حماس

من جانبها، نشرت حركة حماس بيانا عبر تطبيق "تيلجرام"، أكدت فيه أنها سلمت الوسطاء ردها ورد الفصائل الفلسطينية على مقترح وقف إطلاق النار. واتهمت الحركة إسرائيل بالمماطلة في المفاوضات.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدرين فلسطينيين مطّلعين على سير المفاوضات أن رد حماس تضمن تعديلات تطالب بضمانات لوقف دائم لإطلاق النار، فضلاً عن معالجة ملفات إنسانية وأمنية.

وأوضح أحد المصدرين أن الرد ركز على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتحديد خرائط الانسحاب الإسرائيلي، إلى جانب المطالبة بانسحاب القوات الإسرائيلية من التجمعات السكنية وطريق صلاح الدين، مع إمكانية بقاء قوات محدودة بعمق لا يتجاوز 800 متر في المناطق الحدودية.

كما طالبت الحركة، بحسب المسؤولين، بزيادة عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم من ذوي الأحكام العالية والمؤبدة مقابل كل جندي إسرائيلي حي.

ويستند المقترح الجاري بحثه إلى هدنة مؤقتة تمتد لـ60 يوماً، يتخللها إطلاق تدريجي للرهائن المحتجزين في غزة، مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين.

بالتزامن، أعلنت واشنطن أن مبعوثها الخاص ستيف ويتكوف سيتوجه إلى أوروبا هذا الأسبوع لاستكمال المحادثات بشأن وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية.

 

اعتراف فرنسا بدولة فلسطين

ورحبت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الخميس، بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نية بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، واعتبرت ذلك خطوة إيجابية نحو إنصاف الشعب الفلسطيني ودعمًا لحقوقه المشروعة.

وفي بيان صحفي، عدّت الحركة الإعلان الفرنسي “خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح نحو إنصاف شعبنا الفلسطيني المظلوم، ودعماً لحقه المشروع في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على كامل أراضيه المحتلة، وعاصمتها القدس”.

 

“فشل الاحتلال في تزييف الحقائق”

وأكدت “حماس” أن هذا الموقف يمثل “تطورًا سياسيًا مهمًا يعكس تنامي القناعة الدولية بعدالة القضية الفلسطينية، وفشل الاحتلال في تزييف الحقائق أو منع إرادة الشعوب الحرة”.

ودعت الحركة جميع دول العالم، لا سيما الأوروبية، إلى أن تحذو حذو فرنسا، وتُقر بالاعتراف الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

وشددت على أن مثل هذه الخطوات الدولية تُعد ضغطًا سياسيًا وأخلاقيًا على الاحتلال الصهيوني، الذي يواصل ارتكاب جرائم الحرب وحرب الإبادة بحق سكان قطاع غزة، والتوسع الاستيطاني في الضفة والقدس.

 

ماكرون: الاعتراف وفاء بالتزام فرنسا التاريخي

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن، في وقت سابق الخميس، أن بلاده قررت الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين.

وقال ماكرون، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام فرنسية، إن “الخطوة تأتي وفاء بالتزامنا التاريخي بتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط”، مشيرًا إلى أن “الحاجة الملحة اليوم هي إنهاء الحرب في غزة وإنقاذ المدنيين”.

وأوضح الرئيس الفرنسي أنه سيُعلن القرار رسميًا خلال كلمته المرتقبة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، مؤكدًا أن “الاعتراف بدولة فلسطين يمثل جزءًا أساسيًا من رؤية فرنسا لحل الدولتين”.