حلّلت نينا لاخاني في تقريرها المنشور في صحيفة الجارديان الأثر البيئي الكارثي المحتمل لإزالة أنقاض غزة الناتجة عن العدوان الإسرائيلي المستمر، والذي خلّف دمارًا هائلًا للبنية التحتية والمباني المدنية.

أصدرت مجلة Environmental Research: Infrastructure and Sustainability دراسة حديثة توقّعت أن عملية إزالة الأنقاض في قطاع غزة قد تُنتج أكثر من 90 ألف طن من انبعاثات الغازات الدفيئة، وتحتاج إلى ما يقارب أربعين عامًا للتنفيذ الكامل. استخدمت الدراسة أدوات استشعار عن بُعد مفتوحة المصدر لتحديد مواقع الدمار، وقيّمت الانبعاثات الناتجة عن نقل وتكسير ومعالجة الأنقاض.

قدّر الباحثون أن العدوان دمّر قرابة 39 مليون طن من المباني والبنية التحتية، تشمل أكثر من 370 مدرسة، 204 مراكز صحية، وأكثر من 32 ألف منشأة تجارية. أوضحت الدراسة أن إزالة هذا الكمّ من الركام يتطلب أكثر من 400 ألف رحلة شاحنة، وقد يُنتج انبعاثات تعادل ما تصدره دولة صغيرة في عام كامل.

رأى الباحثون أن هذا المستوى من الانبعاثات يشكّل عبئًا بيئيًا كبيرًا، خصوصًا في منطقة تعاني بالفعل من هشاشة بيئية حادة. أشار د. ريك ستاينر، أحد المشاركين في الدراسة، إلى أن "الدمار واسع النطاق في غزة يتطلب جهدًا هائلًا للإزالة وإعادة الإعمار، وهو ما سينتج بدوره أزمة مناخية محلية".

حذّرت الدراسة من أن تأخّر إزالة الأنقاض يُبقي السكان عرضة لمخاطر بيئية وصحية خطيرة، مثل المواد السامة، والألياف المسرطنة، والمعادن الثقيلة. كما نبّه الباحثون إلى أن انبعاثات إزالة الركام لا تشمل بعد التأثير البيئي لبناء آلاف المباني الجديدة أو استيراد المواد اللازمة.

يرى معدّو الدراسة أن هذا النوع من التحليل ينبغي أن يُستخدم في توثيق الأثر البيئي للنزاعات المسلحة، ودعوا إلى إدراج جرائم التدمير البيئي ضمن آليات المحاسبة الدولية. أشار التقرير إلى أن التقديرات الحالية تقلّل من الحجم الفعلي للأضرار، نظرًا للقيود المفروضة على الوصول الميداني وغياب بيانات محدثة من داخل غزة.

ذكرت الدراسة أن كثيرًا من الأدوات التقنية المستخدمة طُوّرت في الأصل لأغراض إنسانية، لكنها الآن تُستخدم لكشف الأثر المناخي للنزاعات. يرى الباحثون أن العدوان على غزة يمثّل حالة دراسية صادمة لتأثير الحروب على البيئة، خاصة حين يُدمَّر فيها العمران المدني بشكل واسع.

أكّد التقرير أن المسؤولية المناخية لا تقل أهمية عن المسؤولية القانونية، مشيرًا إلى أن الدول التي تدعم الحروب تساهم أيضًا في التدمير البيئي وتحمّل تبعاته. ورأى د. ستاينر أن العالم يحتاج إلى توثيق أفضل لتأثير الحروب على المناخ، وأن ذلك قد يُسهِم في دفع المجتمع الدولي لمساءلة مرتكبي هذه الجرائم.

تُشير تقديرات سابقة إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكتوبر 2023 قد أسفرت عن مقتل ما يزيد على 38 ألف شخص، وتهجير أكثر من 1.9 مليون فلسطيني. وسط هذا الدمار، يستمر السكان في العيش وسط الركام، دون مياه نظيفة أو كهرباء أو غذاء كافٍ.

أضاف الباحثون أن تجاهل الأثر البيئي للنزاعات يُضعف جهود العدالة البيئية، ويُهمّش معاناة المجتمعات الأكثر هشاشة. دعا التقرير إلى إنشاء آليات دولية عاجلة لرصد الأضرار البيئية للحروب، وإدراجها ضمن تقارير المناخ العالمية.

https://www.theguardian.com/world/2025/jul/22/gaza-rubble-environment-emissions-impact