في مشهد يحمل كل ملامح الغموض والصدمة، تصدّر اسم البرلماني السابق عبد الحميد الشيخ محمد عناوين الأخبار في محافظة المنوفية، بعد العثور عليه جثة هامدة داخل شقته، غارقًا في دمائه، وبجسده سبع طعنات متفرقة، بعضها في الصدر والبطن.
ورغم أن رواية وزارة الداخلية تحدثت عن انتحار، فإن أسرته وممثليها القانونيين يصرّون على أن ما حدث هو جريمة قتل مكتملة الأركان، تمت تغطيتها برواية "غير منطقية" لا تصمد أمام أبسط تحليل طبي أو قانوني.
البداية.. جثة وسط طعنات ورسالة "انتحار"
أقارب النائب السابق شكّوا في غيابه وعدم رده على الاتصالات، فقرروا التوجه إلى منزله في مدينة تلا، وكسروا باب الشقة بمعاونة أحد النجارين. المفاجأة كانت صادمة: جثته ملقاة على الأرض وبجوارها أداة مطبخية ملوثة بالدماء.
الداخلية أصدرت بيانًا أوليًا يشير إلى أن المتوفى كان يعاني من اضطرابات نفسية ويتلقى أدوية مضادة للاكتئاب، مؤكدة أنها عثرت على خطاب من ثماني صفحات يُفهم منه نيته في الانتحار. كما نفت وجود أي آثار عنف على الأبواب أو النوافذ، وهو ما دعم -ظاهريًا- رواية الانتحار.
زوجته ترد: سبع طعنات لا تُبررها رسالة!
لكن زوجة الراحل أبدت اعتراضًا شديدًا على هذه الرواية، مشيرة إلى "تلاعب أو تجاهل مقصود" لبعض الحقائق الجوهرية، على رأسها عدد الطعنات ومواقعها القاتلة.
وقالت: "زوجي كان نائبًا في البرلمان، وقياديًا سياسيًا بارزًا.. فكيف يُغلق ملفه بهذه السرعة؟"، متهمة جهات التحقيق بـ"تبني سيناريو الانتحار قبل حتى فحص الوقائع ميدانيًا".
محاميه: رواية رسمية عبثية ومضللة
طارق العوضي، المحامي الحقوقي المعروف ووكيل أسرة الفقيد، تقدم رسميًا بطلب إلى وزارة الداخلية لإعادة التحقيق وإسناده إلى قطاع الأمن العام، بسبب ما أسماه "القصور في أداء جهات التحقيق المحلية وتضارب الروايات".
وأكد العوضي أن الجثة كانت تحمل سبع طعنات نافذة، بعضها في أماكن قاتلة كالصدر والبطن والخاصرة، وهو ما يجعل فرضية الانتحار "ضربًا من الخيال".
وقال: "من غير المعقول أن يقدم شخص على طعن نفسه بهذا العدد من الطعنات، وبهذه الدقة القاتلة"، مضيفًا أن الخطاب الذي عُثر عليه لا يمكن الاستناد إليه كدليل على نية الانتحار، دون التحقق من ظروف كتابته ومطابقته للواقع الطبي والتشريحي.
ملف ما زال مفتوحًا.. واتهامات بالتقصير والتحيّز
القضية المقيدة برقم 2617 لسنة 2025 إداري مركز تلا شبين الكوم لا تزال مفتوحة، لكنها -وفقًا للأسرة- تسير ببطء مريب. وطالب العوضي بـ"وقف التسرّع في التوصيفات الجنائية" إلى حين انتهاء تحقيق محايد وشامل.
وحذر من "خطورة طمس حقائق قد تشير إلى جريمة سياسية أو جنائية وراء مقتل شخصية عامة"، مضيفًا أن "الثقة في منظومة العدالة تبدأ من الشفافية، وتنتهي بالتحقيق في كل فرضية، مهما بدت مزعجة أو غير مريحة للبعض".
قضية رأي عام
مع تصاعد الجدل، بدأ الشارع المصري يتابع القضية باهتمام بالغ، واعتبرها كثيرون امتحانًا حقيقيًا لمنظومة العدالة الجنائية في البلاد، خاصة حين يتعلق الأمر بشخصيات عامة.
وتخشى أسرة النائب الراحل أن يتم غلق القضية تحت توصيف "انتحار نتيجة أزمة نفسية"، في ظل ما وصفوه بـ"إهمال التحقيق في شبهة جنائية واضحة لا يمكن تجاهلها".
يُذكر أن البرلماني السابق عبد الحميد الشيخ محمد، كان يشغل منصب الأمين المساعد لحزب حماة الوطن في محافظة المنوفية، وسبق له أن مثل دائرة تلا والشهداء تحت قبة البرلمان خلال الدورة النيابية الماضية.