وافق جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في مصر على صفقة استحواذ كاملة من شركة إماراتية مدعومة من صندوق أبوظبي السيادي على شركة "أرامكس مصر"، إحدى أبرز شركات الشحن العاملة في السوق المحلي، دون طرح عام أو مناقصة مفتوحة أو حتى نقاش مجتمعي حقيقي.
الصفقة، التي بلغت قيمتها 1.2 مليار دولار، جرت عبر شركة "كيو لوجيستيكس" التابعة مباشرة لصندوق ADQ السيادي الإماراتي، الذي أكمل بهذه الخطوة سيطرته الكاملة على شركة أرامكس إقليميًا ودوليًا، بعد أن كان يمتلك 22.69% من أسهم الشركة الأم. بعد الطرح النقدي في مارس 2025، ارتفعت حيازة الصندوق إلى 58%، بما يجعله المتحكم الأوحد فعليًا في واحدة من كبرى شركات الشحن في الشرق الأوسط.
صفقة بثمن بخس؟
بحسب البيانات المعلنة، اشترت "كيو لوجيستيكس" الأسهم بسعر 3 دراهم للسهم، وهو ما يمثل علاوة بنحو 30% فقط على سعر السوق البالغ 2.25 درهم. إلا أن هذا السعر أثار انتقادات واسعة، حيث أشار خبراء إلى أن قيمة أرامكس – ذات الانتشار في أكثر من 70 دولة و600 مدينة حول العالم – تتجاوز بكثير هذا التقييم، مما يجعل ما حدث "تسليعًا فجًا" لأصل لوجستي استراتيجي.
الصفقة رتبتها ونفذتها المجموعة المالية "هيرميس" والبنك "دبي الوطني كابيتال"، وسط غياب معلومات واضحة حول ما إذا كانت هناك عروض بديلة أو فرصة لدخول مستثمرين محليين أو إقليميين، ما يعزز الانطباع بأنها جرت في غرف مغلقة بعيدًا عن أي رقابة حقيقية أو شفافية متوقعة من صفقة بهذا الحجم.
أين الجهاز؟
ما زاد من حدة الجدل هو موقف جهاز حماية المنافسة الذي لم يكتفِ بالموافقة على الصفقة فقط، بل لم يقدم أي مبررات مفصلة أو دراسات عن التأثيرات المحتملة على السوق المصري. واكتفى ببيان مقتضب يشير إلى أن الصفقة "لا تخل بهيكل السوق المحلي"، دون توضيح المعايير أو آليات التقييم التي استند إليها.
ولم تُعلن أي مشاورات مع فاعلين في قطاع الشحن أو مستفيدين من خدمات أرامكس، ما يفتح الباب أمام اتهامات بالتواطؤ أو العجز عن التعامل مع صفقات استحواذ قد تغيّر ملامح السوق المحلي.
سيطرة إماراتية على البنية التحتية؟
يتفق محللون على أن الأمر يتجاوز صفقة تجارية، ليمثل اتجاهًا متصاعدًا لتحكم صناديق سيادية خليجية – وعلى رأسها إماراتية – في قطاعات استراتيجية داخل الاقتصاد المصري، خاصة في ظل أزمات السيولة التي تدفع الحكومة نحو بيع أصول حيوية. ويخشى خبراء أن هذه السيطرة قد تؤدي إلى إضعاف المنافسة في السوق، وتكريس احتكار قطاعي لوجستي حيوي، دون أي ضمانات لحماية السوق أو المستهلك.