شرعت الهيئة القومية للأنفاق، التابعة لوزارة النقل، في إجراءات الحصول على قرض جديد بقيمة 5 مليارات جنيه من تحالف مصرفي يقوده البنك الأهلي المصري، وذلك لاستكمال أعمال المرحلة الثالثة من مشروع القطار الكهربائي الخفيف (LRT)، الذي يربط محطة عدلي منصور بالعاصمة الإدارية الجديدة، رغم الإقرار الرسمي بأن معدلات استخدام القطار ما تزال شبه معدومة، في خطوة جديدة أثارت تساؤلات المراقبين حول جدوى المشروعات القومية في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.

ويأتي هذا القرض بعد أقل من ثلاث سنوات من تشغيل المرحلتين الأولى والثانية من المشروع، الذي تم تمويله بقرض ضخم من بنك التصدير والاستيراد الصيني، وبلغت تكلفته الإجمالية 1.2 مليار دولار. إلا أن هذه المراحل، التي يبلغ طولها 68 كيلومترًا، تعاني من ضعف شديد في الإقبال، وسط تساؤلات حول جدوى المضي قدمًا في المرحلة الثالثة، التي تصل أطوالها إلى 20.4 كيلومترًا وتضم 4 محطات جديدة.

 

القرض الثاني للمشروع.. والمستفيدون محليون
بحسب مصدر مسؤول بمجلس إدارة الهيئة القومية للأنفاق، فإن القرض الجديد سيوجَّه جزئيًا إلى سداد مستحقات مالية مستحقة على الهيئة لصالح التحالف المصري-الصيني المنفذ للمشروع، والذي يضم شركة "فيك" الصينية وشركتي المقاولون العرب وأوراسكوم. كما سيتم استخدام الجزء المتبقي من القرض في تمويل الأعمال المقبلة ضمن المخطط الزمني للإنشاءات، المتوقع الانتهاء منها بحلول نهاية العام المقبل.

 

عزوف المواطنين رغم التخفيضات
في يوليو 2022، افتتحت الحكومة المرحلتين الأولى والثانية من خط القطار الكهربائي، وتم ربطه بمحطة عدلي منصور، التي تُعد مركزًا تبادليًا يربط بين المترو وسكة الحديد وخطوط النقل البري. ورغم ذلك، لم تشهد الخطوط أي إقبال جماهيري ملحوظ، ما دفع وزارة النقل إلى خفض أسعار التذاكر بنسبة تصل إلى 40% في سبتمبر 2022.

تتراوح أسعار التذاكر الآن بين 10 جنيهات للرحلات القصيرة و20 جنيهًا للرحلات الأطول، بينما تُعرض اشتراكات شهرية تتراوح بين 300 و600 جنيه، ولكن دون أن تنجح هذه السياسات التسويقية في رفع معدلات الاستخدام، في ظل عدم انتقال موظفي الدولة بعد إلى مقراتهم الجديدة في العاصمة الإدارية.

 

توسع في مشروعات الجر الكهربائي.. فواتير تتضخم
منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم، تبنّت الدولة سياسة توسعية في مشروعات النقل الكهربائي، حيث بلغ إجمالي ما خُصص لهذه المشروعات تريليونًا و54 مليار جنيه خلال الفترة من 2014 حتى 2024، وفق بيانات وزارة النقل.

إلا أن هذا التوسع يصاحبه ارتفاع متواصل في الدين العام المحلي والخارجي، إذ تلجأ الحكومة إلى التمويل عبر القروض البنكية أو المساعدات الخارجية، وسط تراجع واضح في مؤشرات الاستفادة الشعبية من عدد من هذه المشروعات، ومنها القطار الكهربائي الخفيف، الذي لم يصل بعد إلى الحد الأدنى من التشغيل الفعلي أو التغطية الذاتية للتكاليف التشغيلية.

 

علامات استفهام.. هل هو مشروع تنموي أم عبء مالي؟
يثير استمرار الاقتراض من أجل استكمال مراحل مشروع يعاني من ضعف الاستخدام تساؤلات كبرى حول أولويات الحكومة في الإنفاق العام، خاصة في ظل تصاعد معدلات الفقر والتضخم وندرة العملة الصعبة. كما أن المضي في تنفيذ مراحل جديدة من مشروع دون تقييم واضح للعائد الاقتصادي، يضع المشروع في خانة المشروعات "السياسية" لا التنموية.

ورغم التصريحات المتفائلة من مسؤولي وزارة النقل حول سير المشروع وفق الجدول الزمني، فإن غياب الجدوى الاقتصادية الفورية من تشغيله، وتأخر انتقال موظفي الدولة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، يدفع نحو المزيد من التكاليف غير المضمونة العائد.