أعلن تحالف من 12 حزباً عن تشكيل قائمة انتخابية موحدة باسم "القائمة الوطنية من أجل مصر"، لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، بما يشمل انتخابات مجلس الشيوخ المقررة من 1 أغسطس حتى 4 سبتمبر، وانتخابات مجلس النواب في أكتوبر ونوفمبر 2025، في مشهد يعكس تحكم الأجهزة السيادية في الحياة السياسية.

وتُعيد هذه القائمة التذكير بسيناريوهات انتخابات 2015 و2020، حينما جُهّزت القوائم البرلمانية بأوامر مباشرة من جهات أمنية عليا، لتُقصي المعارضة الحقيقية، وتحكم قبضة النظام على البرلمان.

 

قائمة ظاهرها "وطنية".. وباطنها أجهزة أمنية وأموال طائلة
   تضم القائمة أحزاباً محسوبة على السلطة، أبرزها: مستقبل وطن، حماة الوطن، المؤتمر، الشعب الجمهوري، الوفد، الجبهة الوطنية، الحرية، وإرادة جيل.

كما تضم أحزاباً تُسوّق نفسها كمعارضة معتدلة: المصري الديمقراطي، الإصلاح والتنمية، العدل، والتجمع.

ويُضاف إليها "تنسيقية شباب الأحزاب"، وهي كيان مُدار من جهاز المخابرات العامة، وُلد في أروقة السلطة ليبدو كواجهة شبابية للمشهد السياسي المصنوع.

مقر الاجتماعات: فيلتان مملوكتان للمخابرات بشارع التسعين في التجمع الخامس، وهو ما يكشف الهيمنة الكاملة للأجهزة الأمنية على صناعة القوائم، وليس مجرّد دعم أو إشراف تنظيمي.

 

بيان "القائمة الوطنية"..شعارات فارغة ومغالطات واقعية
   في بيانها التأسيسي، قالت القائمة إن تشكيلها "يعكس رغبة في العمل المشترك من أجل المصالح العليا لمصر"، داعية المواطنين للمشاركة في الانتخابات بـ"حرية ونزاهة"، في تناقض فادح مع ما يجري خلف الكواليس.

فوفق مصادر مطلعة، تُدار هذه الانتخابات كما جرى في 2020، حيث يفرض ضباط سابقون – مثل أحمد عبد الجواد وعلاء عابد من حزب مستقبل وطن – شروطاً مالية على المرشحين للانضمام إلى القائمة.

وتتراوح المبالغ المطلوبة ما بين 3 إلى 20 مليون جنيه، حسب الحزب وموقع المرشح في القائمة.

ولا تُستخدم هذه الأموال فقط في الدعاية، بل أيضاً في شراء الولاءات الشعبية عن طريق توزيع سلع غذائية خلال أيام الاقتراع.

 

تسعيرة مقعد البرلمان.. من يدفع يدخل
كشفت مصادر مطلعة أن المرشحين مطالبون بدفع:

  • 20 مليون جنيه للترشح عبر مستقبل وطن أو الشعب الجمهوري أو حماة الوطن.
  • 10 ملايين للوفد والمؤتمر والحرية.
  • 5 ملايين للإصلاح والتنمية.
  • 3 ملايين للمصري الديمقراطي.

وحتى هذه "التسعيرة" ليست نهائية؛ فالمقاعد الفردية قد تتطلب مبالغ مضاعفة.

الهدف ليس الإنفاق الإعلاني فحسب، بل تمويل حملات الحشد الشعبي، وشراء الأصوات بكراتين المواد الغذائية وأدوات الدعاية على مستوى الجمهورية.

 

معارضة على الورق.. ومسرحية تشريعية
   قيادي في الحركة المدنية الديمقراطية وصف الأمر بأن "لا انتخابات حقيقية في مصر منذ 2014"، معتبراً أن أجهزة الأمن هي التي تضع أسماء النواب مسبقاً.

واستشهد بمواقف برلمانية تكشف "الصورية" المطلقة للمعارضة، مثل تصويت نواب "المصري الديمقراطي" و"العدل" لصالح قانون الإيجارات القديمة، رغم رفضهم العلني له، ما أدى إلى تمريره بأغلبية ساحقة ورفض 23 نائباً فقط من أصل 596.

 

القانون الانتخابي.. صُنع لضمان هيمنة السلطة
   أبقت التعديلات الأخيرة على نظام القائمة المغلقة المطلقة، حيث تحصل القائمة الفائزة بـ50% + 1 على جميع المقاعد، دون تمثيل لباقي القوى.

وهو نظام رفضته مراراً قوى مدنية طالبت بنظام القائمة النسبية، الذي يسمح بتمثيل نسبي أكثر عدلاً.

لكن النظام، حسب المعارضة، لا يريد تمثيلاً حقيقياً، بل "برلماناً صورياً يمرر القوانين دون مساءلة"، كما قال المصدر، مضيفاً أن النظام لا يقبل بمعارضة "تسحب الثقة أو تستجوب وزيراً"، وأنه يُفضل معارضة تُستخدم فقط لـ"تزيين المشهد".

 

الأسماء تتكرر.. والوجوه محسومة أمنياً
من أبرز رموز القائمة حزب "الجبهة الوطنية"، الذي أُسس عام 2024 بدعم مالي من الإرهابي السيناوي إبراهيم العرجاني، ويضم الحزب شخصيات مثيرة للجدل مثل:

  • عصام العرجاني، نجل الممول الرئيسي.
  • طارق محمد أبو العينين، نجل وكيل البرلمان محمد أبو العينين.
  • محمد طارق طلعت مصطفى، من عائلة المجموعة العقارية المعروفة.
  • عماد السويدي، نجل رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان.
  • سمير فوزي السيد، ابن رجل الأعمال المعروف في مجال المقاولات.

يُشار إلى أن إبراهيم العرجاني هو من مدينة الشيخ زويد في شمال سيناء، وتم إطلاق سراحه في 2010 بعد احتجاز دام حوالي عامين بعد خطفه لرجال الشرطة في عهد المخلوع حسني مبارك، ويُعرف بأنه رجل أعمال ومؤسس شركة "أبناء سيناء" في العريش، ورئيس "اتحاد القبائل العربية"، المُنشأ حديثًا برعاية من عبد الفتاح السيسي.

 

واقعة مرتضى منصور.. مقعد البرلمان بـ50 مليون جنيه!
   في عام 2020، فجّر مرتضى منصور مفاجأة حينما صرّح بأن القائمين على "قائمة من أجل مصر" طلبوا منه 50 مليون جنيه مقابل ترشيحه، متسائلاً: "اللي يدفع 50 مليون ده بيجيبهم منين؟ وهايجمعهم إزاي؟!".

كما نُشر آنذاك شيك موقع من النائبة الراحلة ابتسام أبو رحاب لصالح حزب مستقبل وطن بمبلغ 10 ملايين جنيه، كقيمة اشتراكها في القائمة. وبعد وفاتها في 2022، ورثت ابنتها المقعد النيابي.

 

اعتقال من يكشف الحقيقة
وفي أكتوبر 2020، اعتُقل المحامي المعروف طارق جميل سعيد بعد نشره فيديو يتحدث فيه عن بيع المقاعد النيابية "لمن يدفع أكثر"، قبل أن يُفرج عنه لاحقاً بضغوط.