في مقال تحليلي نشره "مؤسسة كارنيجي"، اعتُبرت عملية "مطرقة منتصف الليل" تحركًا عسكريًا استثنائيًا كشف عن قوة الولايات المتحدة الضاربة. سبع قاذفات شبح B-2 استهدفت منشآت إيران النووية في فوردو ونطنز بأربعة عشر قنبلة خارقة للتحصينات، بينما أطلقت غواصة صواريخ موجهة أكثر من عشرين صاروخ كروز على مجمع أصفهان النووي.
رغم هذه الضربات الهائلة، تشير التقييمات الأولية إلى أن الأثر أقل من الادعاءات الأمريكية بشأن "التدمير الكامل".
 

ضرب البنية... لكن لم يُنهِ القدرة
   الضربات دمّرت منشآت ومعدات، لكنها لم تمحُ المعرفة التقنية أو المواد المنتشرة أو الدوافع الاستراتيجية الإيرانية.
يُعتقد أن طهران نقلت موادها الحساسة إلى مواقع سرية قبل الضربات، مما حافظ على جوهر برنامجها.
ويعني هذا أن الضرر لم يلغِ إمكانية إعادة الإعمار.

المصير الحقيقي لهذه الضربات يتوقف على عاملين:
أولًا، قدرة الدبلوماسية على استعادة رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وثانيًا، مدى استعداد النظام الإيراني لتقييد مسار تطوير الأسلحة.

دون هذين الشرطين، الضربة لن تكون أكثر من استراحة قصيرة قبل أزمة نووية جديدة.
 

تفاصيل الأضرار
   
صور الأقمار الصناعية تؤكد أن الضربات على فوردو ونطنز أصابت منشآت سطحية وسدت مداخل أنفاق تحت الأرض.
في فوردو، تظهر ست فوهات انفجار فوق قاعات الطرد المركزي. القنابل الخارقة على الأرجح اخترقت الصخور وسببت دمارًا داخليًا لا يُكشف بالصور فقط.

في نطنز، الضربات الأمريكية لحقت دمارًا إضافيًا بعد القصف الإسرائيلي السابق.
انقطعت الكهرباء تمامًا، وتوقفت الآلاف من أجهزة الطرد المركزي.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت وجود فتحتين أحدثتهما الصواريخ في القاعات تحت الأرض، ما قد يكون سببًا لتسرّب إشعاعي وتلوث كيميائي، يُصعّب أي محاولة لإعادة تشغيل المنشأة.

في أصفهان، يظهر الضرر الأكبر نتيجة الضربات الإسرائيلية السابقة، التي أوقفت إنتاج اليورانيوم السداسي ومعدن اليورانيوم.
الصواريخ الأمريكية استهدفت ما تبقّى، بما في ذلك مداخل مخازن اليورانيوم عالي التخصيب، والتي يُرجّح أنها أُفرغت مسبقًا.
 

الإمكانات المتبقية لإعادة الإعمار
   
رغم الدمار، يحتفظ البرنامج الإيراني بإمكانية إعادة التكوين. مخزون إيران من اليورانيوم المُخصب بنسبة 60%، إذا نُقل بنجاح، يبقى خطرًا كبيرًا.
هذا المخزون، قبل الضربات، كان كافيًا لإنتاج عدة قنابل نووية باستخدام منشأتي نطنز أو فوردو. تدمير المنشأتين سيُجبر إيران على الاعتماد على مواقع أصغر أو سرية.

مخزون مكونات الطرد المركزي غير المثبتة يمثل عنصرًا إضافيًا. إيران تمتلك أجهزة متقدمة أنتجتها محليًا ولم تخضع لرقابة الوكالة منذ انهيار الاتفاق النووي.
الضربات أضرّت بمنشآت البحث والتطوير في كرج وطهران ونطنز، لكن لا يمكن الجزم إذا كانت البنية التحتية تحت الأرض لا تزال تعمل.
الإعلان عن إنشاء موقع تخصيب ثالث يشير إلى أن طهران توقعت تدمير المنشآت السابقة.
 

الإرادة السياسية.. مستمرة وقوية
   
مسؤولون إيرانيون، حاليون وسابقون، أكدوا الاستمرار في المشروع النووي.
علي شمخاني، مستشار أمني بارز، نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية وأعلن أن "المواد المخصبة، والمعرفة المحلية، والإرادة السياسية" لا تزال محفوظة.
وأضاف: "حتى مع افتراض تدمير المنشآت، المعركة لم تنتهِ".

هذا التوجه يجد صداه في البرلمان الإيراني. في 25 يونيو، صادق النواب بأغلبية ساحقة على قانون يعلّق التعاون مع الوكالة الدولية، ويشترط أي تفتيش بموافقة مجلس الأمن القومي.
القانون يعاقب من يُسهّل وصول المفتشين دون إذن. الجلسة شَهِدت هتافات "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل".
 

النتيجة الأخطر.. غياب الرقابة
   
الضربات دفعت إيران لاتهام الوكالة الدولية بالتواطؤ. رغم إدانة الوكالة للهجمات، إلا أن طهران اعتبرت موقفها غير كافٍ.
هذا الوضع يُتيح لطهران مساحة لإعادة بناء منشآت سرية دون رقابة دولية.
في المقابل، فقد العالم آلية حيوية لرصد الأنشطة النووية الإيرانية، خاصة مع تعقّد التحقق بعد تدمير البنية السابقة.
 

ما القادم؟
   
مستقبل البرنامج النووي الإيراني يعتمد على تقييم طهران للتهديدات، والموارد، وأهدافها الاستراتيجية.
قد تختار إعادة بناء بطيئة وبنية أقوى، أو تسريع التخصيب للوصول إلى سلاح نووي في أشهر قليلة.
أي خطوة واضحة نحو إعادة الإعمار أو تقليص إضافي لرقابة الوكالة ستُقابل غالبًا بضربات إسرائيلية جديدة، ما يُبقي المنطقة في حلقة من التصعيد المستمر.

https://carnegieendowment.org/emissary/2025/06/iran-strikes-us-impacts-iaea-nuclear-weapons-monitoring?lang=en