جددت محكمة جنايات القاهرة حبس القيادي العمالي شادي محمد وخمسة شبان آخرين لمدة 45 يومًا، على خلفية تعليقهم لافتة تضامن مع غزة، في ما يعرف إعلاميًا بـ"قضية بانر دعم فلسطين"، في واقعة تعكس التناقض بين الخطاب الرسمي المصري الداعم للقضية الفلسطينية، والممارسات الأمنية على أرض الواقع.
ففي جلسة انعقدت بمجمع بدر الأمني، أصدرت الدائرة الثانية إرهاب قرارها بتمديد الحبس الاحتياطي للمتهمين الستة على ذمة القضية رقم 1644 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا. وقال المحامي إسلام سلامة، من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن الطلب الرئيسي لهيئة الدفاع كان إخلاء سبيلهم، مستندين إلى انعدام الأدلة واستمرار الحبس رغم انتهاء التحقيقات.
ويمضي شادي محمد، القيادي في النقابة المستقلة لعمال شركة "لينين جروب"، ومعه خمسة شباب من مدينة الإسكندرية، شهرهم الرابع عشر خلف القضبان، بعد القبض عليهم في أواخر أبريل 2024 بتهمة تعليق "بانر" على أحد كباري المدينة كتب عليه عبارات تضامن مع الشعب الفلسطيني، في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023.
اتهامات بالجملة.. بسبب لافتة
رغم الطابع السلمي البحت للفعل، وجهت النيابة العامة اتهامات ثقيلة للمحتجزين، شملت "تأسيس والانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وتكدير السلم العام، والمشاركة في تجمهر بغرض الإخلال بالنظام العام".
وظهر المتهمون للمرة الأولى في نيابة أمن الدولة العليا يوم 30 أبريل 2024، بعد أيام من إخفائهم قسريًا، بحسب شهادات ذويهم. ومنذ ذلك الحين، تنقّل بعضهم بين سجون مختلفة، وخضع شادي محمد نفسه للتغريب من سجن العاشر من رمضان إلى برج العرب، ما دفعه للدخول في إضراب كلي عن الطعام استمر أكثر من أربعة أسابيع.
زوجة شادي: نفس الكلام اللي بيقوله السيسي محبوسين عليه!
تقول سلوى رشيد، زوجة شادي، إن التجديد الأخير "صفعة جديدة"، خصوصًا أنه يتزامن مع تصريحات رسمية مستمرة من السلطات تعلن رفضها للتهجير ودعمها الكامل للقضية الفلسطينية، وتضيف بغضب: "إذا كانت الدولة بتقول إنها مع فلسطين وضد العدوان، ليه اللي رفعوا بانر تضامن اتحبسوا؟".
وتتابع: "كل فترة نسمع وعود بإخلاء السبيل، ومع كل هدنة في غزة نقول خلاص، هيخرجوا.. لكن مفيش جديد، حتى لما شادي دخل في إضراب عن الطعام، واتكلمت منظمات كثيرة، لم يحدث شيء إلا بعد ما حالته بقت حرجة".
حملة تضامن واسعة.. وصمت رسمي
إضراب شادي عن الطعام أثار موجة تضامن داخل مصر وخارجها. وأصدرت منظمات حقوقية وكيانات عمالية بيانات طالبت بالكشف عن مكانه، وضمان سلامته، والإفراج عنه فورًا، دون أي استجابة من السلطات، وانتهى الإضراب فقط بعد تحسن المعاملة داخل السجن، وفق ما صرحت به زوجته عقب زيارتها له في مستشفى السجن.
وتعد هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها شادي للاعتقال، ففي أكتوبر 2022، ألقي القبض عليه من داخل أتوبيس الشركة التي كان يعمل بها، وواجه اتهامات مشابهة قبل أن يُخلى سبيله بعد ثلاثة أسابيع من الحبس.
نمط متكرر: دعم فلسطين = السجن
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، وثّقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حملة اعتقالات واسعة طالت 186 شخصًا في 16 قضية مختلفة، على خلفية أشكال بسيطة من التعبير عن التضامن، كرفع لافتات، أو حتى المشاركة في جهود الإغاثة، وتشير المبادرة إلى أن 150 شخصًا لا يزالون رهن الحبس حتى يونيو 2025، بينهم ثلاثة أطفال دون سن 18.
وفي تطور لافت، اعتُقل محامٍ تحت التمرين، يدعى سيف ممدوح، في يونيو الماضي، بتهمة رفع لافتات دعم لغزة على سلالم جامعة القاهرة، مما يؤكد اتساع نطاق الاستهداف ليشمل المتعاطفين من كل الفئات.