تشهد أسواق الأعلاف اضطرابات جديدة مع قفزة مفاجئة في أسعار الذرة الصفراء وفول الصويا، بلغت نحو ألف جنيه للطن خلال أيام قليلة، وسط تحركات حذرة من جانب المستوردين وتجار الأعلاف، في ظل المخاوف من تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية وارتفاع سعر صرف الدولار.
ويأتي هذا التطور في وقت تحاول فيه الحكومة طمأنة السوق بشأن توافر الخامات ووجود مخزون استراتيجي، لكن الأسواق تبعث بإشارات معاكسة تمامًا.
 

تحركات حذرة وقلق من المستقبل
   وفق ما أكده ثلاثة من كبار تجار الأعلاف، فإن المستوردين بدأوا في تقليل الكميات المعروضة من الذرة الصفراء وفول الصويا في السوق، بهدف التحوط من الارتفاعات المتوقعة في تكلفة الاستيراد والشحن، خصوصًا في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية وغياب الاستقرار في أسعار العملة الصعبة.

ويُعد كل من الذرة وفول الصويا مكونات رئيسية في صناعة الأعلاف الحيوانية والداجنة، ما يجعل أي تغير في أسعارها مؤثرًا مباشرًا على أسعار اللحوم والدواجن في السوق المحلية.
 

الحكومة تطمئن.. والمستوردون يتحفظون
   رغم تأكيد المركز الإعلامي لمجلس الوزراء أن خامات الأعلاف متوفرة محليًا ومستوردًا دون عجز، وأن الدولة حريصة على تدبير العملة الأجنبية للمستوردين، إلا أن التحركات في السوق تكشف عن حالة من الحذر والقلق.

أحمد نبيل، رئيس شعبة بيض المائدة باتحاد منتجي الدواجن، أوضح أن المستوردين قرروا تقليل ضخ الذرة الصفراء وفول الصويا للأسواق لحين وضوح الرؤية بشأن استقرار الأوضاع العالمية وسعر صرف الدولار، مشيرًا إلى أن الذرة ارتفع سعرها إلى ما بين 14.5 و14.7 ألف جنيه للطن، بينما وصل فول الصويا إلى 20.5 ألف جنيه.
 

فجوة إنتاجية واسعة
   تحتاج مصر سنويًا ما بين 9 إلى 10 ملايين طن من الذرة الصفراء لتغطية احتياجات صناعة الأعلاف، إلا أن الإنتاج المحلي لا يغطي سوى احتياجات لا تتجاوز الشهر الواحد، وتعاني الدولة من فجوة مستمرة في تلبية الطلب المتزايد على الأعلاف، ما يجعلها عرضة للتقلبات العالمية.
 

هل التخزين مفتعل؟
   
رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية، عبد العزيز السيد، وصف اتجاه المستوردين لتخزين الذرة وفول الصويا بأنه "غير مبرر"، مؤكدًا وجود احتياطي استراتيجي يكفي لعدة أشهر.
كما أشار إلى أن الاستيراد لا يزال مستمرًا من دول بعيدة عن مسرح الحرب، ما يعني أن سلاسل التوريد لم تتوقف.

وأوضح السيد أن أسعار الدواجن ارتفعت بعد عيد الأضحى من 61 إلى 75 جنيهًا للكيلو في المزرعة، نتيجة زيادة الطلب الموسمي، فيما تراجعت أسعار البيض من 135 إلى 110 جنيهات للكرتونة بسبب تراجع الطلب وارتفاع درجات الحرارة.
 

تكاليف الشحن تؤجج الأزمة
   أحد مستوردي الذرة وفول الصويا، فضل عدم ذكر اسمه، قال إن بعض التجار يتعمدون خفض المعروض، متأثرين بتباطؤ خروج الشحنات من الموانئ، وتخوفًا من ارتفاع محتمل في تكلفة الشحن نتيجة الحرب الإيرانية الإسرائيلية، وهو ما قد ينعكس على السعر النهائي للمنتج في السوق المحلية.

وأضاف أن هناك حالة من الترقب في السوق، والتجار يفضلون التريث قبل طرح كميات جديدة، انتظارًا لهدوء الوضع السياسي وتراجع اضطرابات سعر الصرف.
 

انعكاسات محتملة.. اللحوم في مرمى الأسعار
   إذا استمرت هذه الوتيرة في أسعار الذرة وفول الصويا، فإن السوق المحلية ستواجه زيادات كبيرة في أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء خلال الأسابيع المقبلة، وهو ما يضع ضغوطًا إضافية على المواطنين في ظل ارتفاع مستويات التضخم وثبات الدخول.

ورغم تطمينات الحكومة، إلا أن واقع السوق يشير إلى هشاشة منظومة الأمن الغذائي، واستمرار تأثرها السريع بالأزمات العالمية، في وقت لا تزال فيه صناعة الأعلاف المحلية غير قادرة على تقليل الاعتماد على الاستيراد بشكل حقيقي.