قال الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي إن فرض إسرائيل سيطرتها الكاملة على الأجواء الإيرانية أمر غير ممكن من الناحية العسكرية، مؤكدًا أن التصريحات التي تروج لها تل أبيب في هذا السياق تندرج ضمن أدوات الحرب النفسية التي تستخدمها ضد طهران بهدف إرباك الداخل الإيراني ورفع منسوب التوتر.
وفي إطار تحليله للتطورات العسكرية الجارية، أوضح الفلاحي أن الحديث عن سيطرة جوية شاملة يفترض بالضرورة أن تكون إسرائيل قادرة على منع أي طيران إيراني معادٍ من التحليق، وكذلك منع إطلاق الصواريخ من داخل الأراضي الإيرانية باتجاه أهداف إسرائيلية، وهو ما لا يتطابق مع الواقع الميداني، إذ إن إيران ما زالت قادرة على تنفيذ ضربات صاروخية، وهو ما يؤشر إلى استمرار فعالية دفاعاتها ومنصاتها الهجومية، رغم الضربات الإسرائيلية المعلنة.
وأشار العقيد الفلاحي إلى أن هذا الوضع يعكس حالة من توازن الردع غير المعلن، ويضع علامات استفهام حول المزاعم الإسرائيلية بشأن تحقيق تفوق جوّي مطلق، خاصة في ظل تعقيد البيئة الجغرافية الإيرانية، وتشابك منظوماتها الدفاعية والهجومية.
وواصل الحرس الثوري الإيراني الثلاثاء إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، حيث أعلن عن إطلاق الموجة العاشرة من الهجمات بالصواريخ والمسيّرات صوب إسرائيل، وقال إنه استهدف فيها قواعد جوية إسرائيلية تستخدم لمهاجمة إيران.
وأطلقت إسرائيل صفارات الإنذار وحذرت مواطنيها من الموجة الصاروخية الإيرانية، التي استهدفت مواقع في شمال إسرائيل.
وقال العقيد الفلاحي إن التفوق الجوي يمكن أن يُؤَمن في مناطق محددة ولأهداف محددة، مؤكدا أنه من الصعب جدًا تأمين الطيران لمدة 5 ساعات فوق الأراضي الإيرانية، كما أن هذه الطائرات تحتاج إلى التزود بالوقود.
صواريخ ذكية
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) قد زعم أن إسرائيل "تسيطر على أجواء طهران"، وأن "الطريق أصبح ممهدًا" أمام إسرائيل نحو العمق الإيراني.
وفي السياق نفسه، جاءت تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب قال فيها "باتت لدينا الآن سيطرة كاملة وشاملة على سماء إيران".
ويؤكد العقيد الفلاحي أن إيران تمتلك قوة صاروخية كبيرة وطائرات مسيّرة على عكس إسرائيل التي تمتلك القوة الجوية، مشيرًا إلى أن الصواريخ التي تطلقها إيران استطاعت أن تتجاوز منظومات الدفاع الإسرائيلية، وتحدث عن المراحل التي اعتمدتها طهران في المواجهة العسكرية الحالية مع تل أبيب.
فقد قامت في البداية بتشتيت منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية بإطلاق أنواع مختلفة وكبيرة من الصواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية، ما أدى إلى إشغال تلك المنظومات وأثر عليها في مسألة التصدي.
كما قامت طهران بعملية تمويه للدفاعات الإسرائيلية من خلال استخدام الطائرات المسيّرة بالتزامن مع إطلاق الصواريخ الباليستية، وهو ما يسبب حالة استنزاف لمنظومة الدفاعات الإسرائيلية ويؤثر على فعاليتها في التصدي للصواريخ الإيرانية.
ثم جاءت المرحلة الثالثة بإطلاق الصواريخ الفرط صوتية، وهي صواريخ دقيقة وذكية وتحمل كميات كبيرة جدًا من المتفجرات، ويقول العقيد الفلاحي إن تلك الصواريخ استطاعت الوصول إلى أهدافها دون أن تتمكن منظومات الدفاع الإسرائيلية من التصدي لها، ما أسفر عن خسائر كبيرة في الداخل الإسرائيلي.
مؤشر الاشتباك
وعن مؤشر حالة الاشتباك في الحرب بين إسرائيل وإيران، يقول العقيد الفلاحي إن الاشتباك الحالي هو بين القوتين الجوية والصاروخية والضربات متبادلة بين الطرفين.
وقال إن الحرب الآن مفتوحة، ولكن عندما تدخل الولايات المتحدة الأميركية فيها تتحول من حرب مفتوحة إلى حرب شاملة، ورجح أن تدخل أطراف أخرى في الحرب منها حلفاء إيران في المنطقة. وأوضح أن مؤشر الحرب يتراوح حاليا بين حرب مفتوحة وحرب شاملة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تمتلك إمكانيات كبيرة جدًا وباستطاعتها تدمير البرنامج النووي الإيراني، خاصة منشأة فوردو التي يحتاج قصفها إلى قنابل خاصة لا تملكها سوى واشنطن وهي "جي بي يو 52".