عاد ثمانية مواطنين من محافظة أسوان إلى منازلهم في 10 مايو الماضي، بعد أن ظلوا في عداد المختفين قسرًا منذ عام 2018، في واقعة وصفتها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان بأنها "تطور غير مسبوق"، أثار قدراً من الارتياح المشوب بالحذر لدى ذويهم، وأعاد فتح واحد من أكثر الملفات الإنسانية إلحاحًا وتعقيدًا في مصر: الإخفاء القسري.
وأفادت الشبكة – في بيان صحفي - أنها تمكّنت من التحقق من واقعة الإفراج بعد أسابيع من الرصد الميداني والتواصل مع مصادر محلية متعددة. ورغم تحفظ معظم عائلات المفرج عنهم عن الإدلاء بتصريحات مباشرة "نظرًا لحساسية الأوضاع الأمنية"، فإن أيًا منهم لم ينفِ صحة الواقعة.
7 سنوات من الغياب القسري
تعود وقائع الاختفاء، وفق بيان الشبكة، إلى شهري أكتوبر ونوفمبر من عام 2018، حين اعتقلت أجهزة الأمن الوطني ثمانية مواطنين من مناطق ومراكز مختلفة بمحافظة أسوان، في توقيفات جماعية دون أي أوامر قضائية أو مثول أمام النيابة، بحسب توثيقات سابقة للشبكة الحقوقية.
من بين هؤلاء المواطن جعفر عبده عبد العزيز عيد الجواد (44 عامًا)، الذي كان يعمل على سيارة ميكروباص مملوكة لعائلته، وقد تم اعتقاله تعسفيًا من أمام منزله يوم 30 أكتوبر 2018، لتبدأ بعدها رحلة طويلة من الإخفاء القسري، تخللتها بلاغات قضائية واستغاثات إعلامية ظلت بلا استجابة، حتى صباح اليوم الذي عاد فيه إلى منزله، وهو اليوم نفسه الذي أعادت فيه الشبكة نشر قضيته مجددًا عبر صفحاتها الرسمية.
وتشمل قائمة العائدين أيضًا: مواطن يعمل في محل لتصليح الهواتف المحمولة، المواطن محمد عيسى من منطقة حلايب وشلاتين، خمسة آخرون من قرى ومراكز مختلفة في محافظة أسوان.
خطوة إيجابية لكنها لا تكفي
وفي تعليقها على الحدث، ثمّنت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان "عودة المختفين إلى ذويهم"، لكنها شددت على أن الإفراج عنهم ليس منحة، بل حق قانوني وأخلاقي يجب حمايته وتعزيزه.
وأكدت أن استمرار استخدام الإخفاء القسري كأداة أمنية يمثل "انتهاكًا صارخًا للدستور المصري والمواثيق الدولية"، مطالبة بـ: الإغلاق الفوري لهذا الملف المؤلم، الإفراج عن جميع المختفين قسرًا، فتح تحقيقات جدية في وقائع الاختفاء والاحتجاز غير القانوني.
أرقام صادمة وصمت رسمي
وفقًا لتوثيقات الشبكة، فإن آلاف المواطنين المصريين، معظمهم من الشباب، تعرضوا للإخفاء القسري خلال السنوات الماضية، قبل أن يُعرض بعضهم على جهات التحقيق لاحقًا دون مساءلة عن الجهة التي احتجزتهم.
ولا يزال ما لا يقل عن 200 مواطن في عداد المختفين قسرًا حتى لحظة كتابة التقرير، بعضهم منذ أكثر من 13 عامًا، وتحديدًا منذ أحداث جمعة الغضب في 28 يناير 2011، دون أن تعلن أي جهة أمنية أو قضائية مصيرهم، في تجاهل واضح للبلاغات القضائية الرسمية.
إفراج دون تفسير.. والأسئلة معلّقة
اللافت في الإفراج الأخير، وفق بيان الشبكة، أنه تم بصمت مطبق دون توضيح من السلطات المصرية، ودون تحقيق أو تعويض أو مساءلة، ما يثير تساؤلات حقوقية عن طبيعة هذا الملف، وكيف يمكن لمواطنين أن يُحتجزوا لسبع سنوات بلا محاكمة، ثم يُفرج عنهم فجأة دون أي إجراء قانوني ظاهر.
للاطلاع على بيان الشبكة كاملاً:
https://web.facebook.com/photo/?fbid=740806544967074&set=a.206829455031455&locale=ar_AR