قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي إن التطور الأبرز في اليوم الثالث من المواجهة بين إيران وإسرائيل يتمثل في التحول النوعي في طبيعة الهجمات الإيرانية، وهو ما يعكس تغييرا جذريا في قواعد الاشتباك بين الطرفين.

وأوضح الفلاحي، خلال مشاركته في فقرة التحليل العسكري بقناة الجزيرة، أن إيران بدأت تنفيذ ضربات صاروخية باتجاه أهداف داخل إسرائيل خلال ساعات النهار، وهو ما يمثل خروجا لافتا عن النمط السابق الذي كانت فيه العمليات تُنفذ ليلاً لتقليل احتمالات الرصد والرد.

واعتبر الفلاحي أن هذا التغيير في توقيت الهجمات لا يمكن اعتباره مجرد تفصيل تقني، بل يعكس مستوى أعلى من الثقة والجرأة في الأداء العسكري الإيراني، ويشير إلى تحول استراتيجي قد يُعيد تشكيل ملامح المواجهة خلال الفترة المقبلة.

وأجبرت الصواريخ الإيرانية إسرائيل على الإبقاء على مجالها الجوي مغلقا لليوم الثالث تواليا، بعد ليلة ثانية من القصف الصاروخي الإيراني، ردا على الضربات التي بدأها الطيران الإسرائيلي على إيران، فجر الجمعة.

ولفت الفلاحي إلى أن التحول في أوقات الهجمات الإيرانية، يحمل دلالات عميقة تتجاوز الجانب العسكري المباشر، فالضربات النهارية، لها تأثير نفسي كبير جدا على الداخل الإسرائيلي، خصوصا وأنها ستؤدي إلى هجرة عكسية كبيرة جدا من داخل الكيان إلى خارجه.

كما أن الأمر لا يقتصر على الجانب النفسي، بل يمتد ليشمل شلل الحياة الاقتصادية بشكل كامل.

 

نهج محسوب

ومن منظور إستراتيجي، يرى العقيد الفلاحي أن إيران تتبع نهجا محسوبا لتغيير معادلة القوة في المنطقة، وأنها بدأت باستعادة قوة الردع الإستراتيجي من خلال تنفيذ هذه الضربات التي توالت منذ أول أمس، واستمرت ليلة أمس وصولا إلى اليوم.

وتهدف هذه الإستراتيجية -حسب الفلاحي- إلى فرض واقع جديد يقول بأن إيران، على الرغم من الضربة التي وُجهت إليها، وعلى الرغم من التفوق الجوي الذي تمتلكه القوة الجوية الإسرائيلية في عملية المواجهة، لكنها قادرة على إدارة هذا الصراع، وقادرة على الاستمرار في قضية التصعيد مع إسرائيل.

ولفت العقيد الفلاحي إلى تطور مهم آخر في طبيعة الاستهداف الإيراني، وهو اتساع رقعة المواجهة ما بين الطرفين.

فبدلا من التركيز على أهداف محددة، فإن إيران قصفت أهدافا في الشمال في منطقة الجليل، بالإضافة إلى حيفا وتل أبيب، والنقب، وجميع هذه المناطق تم استهدافها إما بطائرات مسيرة أو بصواريخ باليستية.

وبالمقابل، أشار الفلاحي إلى تحديات تقنية جوهرية تواجه إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة، وأوضح أن إسرائيل غير قادرة على أن تنفذ أهداف الحرب لأنها لا تمتلك هذه الإمكانيات.

كما يشكل البعد الجغرافي تحديا إضافيا لإسرائيل، حيث إنها تتطلب التزود بالوقود جوا، وهذا يكلف إسرائيل مظلة جوية، ويتطلب من إسرائيل الكثير من الوقت والجهد، إذ إن المسافة التي يجب على الطائرات قطعها تتراوح من 1500 إلى 2000 كيلومتر.

وأشار الفلاحي إلى أن اتساع رقعة إيران وتوزيع البرنامج النووي على مناطق جغرافية واسعة، يشكل مشكلة بالنسبة لإسرائيل في قضية الوصول إلى الأهداف وتدميرها.