تحوّل مركز توزيع المساعدات الذي افتتحته الشركة الأميركية المدعومة من جيش الاحتلال الإسرائيلي في رفح، جنوبي قطاع غزة، إلى ساحة فوضى وصدام، بعد أن اقتحمته حشود ضخمة من المواطنين الجائعين، مما أجبر مسلحي الشركة على الفرار، وسط إطلاق نار إسرائيلي كثيف ومحاولات لإجلاء الطاقم الأميركي بطائرات مروحية، في مشهد وصفه مسؤولون فلسطينيون بأنه "دليل جديد على فشل الاحتلال في إدارة الكارثة الإنسانية التي صنعها بنفسه".

في واحدة من أكثر الحوادث دلالة على فشل ما يُسمى بـ"الآلية الإنسانية" المدعومة أميركيًا وإسرائيليًا لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، أفادت مصادر إسرائيلية بأن عناصر الشركة الأميركية فقدوا السيطرة على الموقع تمامًا، فيما تدفقت جموع من السكان من خلال فتحة في السياج المحيط بالمركز، وسط فوضى عارمة واستيلاء تام على المساعدات والمعدات وحتى الأثاث، وفقًا لتقارير إعلامية عبرية.

القناة 13 الإسرائيلية وصفت ما جرى بأنه "عملية إنقاذ" نفذها الجيش الإسرائيلي لإخراج موظفي الشركة الأميركية، فيما قالت القناة 12 إن الجوعى "استولوا على كل شيء"، في دلالة على عمق المأساة التي يعيشها القطاع المحاصر منذ أكتوبر 2023.
 

رصاص الاحتلال على الجوعى
   وبحسب ما نقلته صحيفة يسرائيل هيوم، أطلق الجيش الإسرائيلي النار في الهواء، ثم استدعى مروحيات لإجلاء الفريق الأميركي بعد تصاعد الأحداث. بينما أكدت هيئة البث الإسرائيلية أن معدات الشركة نُهبت، وأن العناصر المسلحة التابعة لها انسحبوا تحت ضغط الجموع.

في المقابل، نقلت يديعوت أحرونوت عن مصدر عسكري قوله إن الجيش لم يتوقع هذا "الاكتظاظ غير المسبوق"، وأن ما حدث فاق السيناريوهات المعدة سلفًا.
 

فشل مدوٍّ وآلية مرفوضة
   من جهته، وصف إسماعيل الثوابتة، المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ما جرى بأنه "فشل ذريع لمشروع الاحتلال لتوزيع المساعدات"، مشيرًا إلى أن الآلاف ممن حاصرهم الاحتلال منذ 90 يومًا اندفعوا بشكل عفوي واقتحموا مركز التوزيع في محاولة للحصول على الغذاء تحت ضغط الجوع القاتل.

وقال: "نحمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة الإنسانية، ونرفض بشدة أي خطة تستهدف تمرير المساعدات تحت غطاء أمني أو عبر مناطق عازلة خاضعة للاحتلال".
 

سرقة مساعدات وتحايل إنساني
   تصاعدت الانتقادات ضد الشركة الأميركية التي تدير ما يُسمى بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، بعدما كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جزءًا كبيرًا من المساعدات التي تم توزيعها في المركز تعود في الأصل إلى "مؤسسة رحمة العالمية"، وتم الاستيلاء عليها عبر الخداع ونقلها بالقوة.

وأكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن الاحتلال خدع المنظمات الدولية وأقنعها بتسليم المساعدات لصالح آلية توزيع جديدة، ثم حوّلها إلى مناطق تحت إشرافه، حيث وُزّعت بطريقة مهينة وتسببت في إصابة عدد من المواطنين.
 

الأمم المتحدة: تشتيت إنساني مقصود
   وفي تعليق رسمي، قال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لايركه، إن ما يجري على الأرض "ليس حلاً إنسانيًا، بل تشتيت متعمد للانتباه عن الحقيقة الوحيدة: يجب فتح المعابر فورًا وتمكين الأمم المتحدة من أداء عملها".
 

حماس: هذه ليست مساعدات بل فخاخ أمنية
   من جانبها، نددت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بما وصفتها بـ"الآلية الاحتلالية المشبوهة"، مؤكدة أن مشهد اقتحام المركز تحت نيران الاحتلال "دليل لا لبس فيه على فشل الخطة برمتها"، محذرة من تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز وتركيع سياسي وأمني.

وقالت في بيان: "هذه ليست مساعدات إنسانية بل وسائل قسرية تكرّس أهداف الاحتلال السياسية والعسكرية، وتعرض أرواح المدنيين للخطر في انتهاك صارخ للقانون الدولي".
 

شاهد:
https://www.youtube.com/watch?v=g6HmFdgJ_EM
https://x.com/AlQastalps/status/1927372532195139653
https://x.com/PalinfoAr/status/1927457130249920924
https://x.com/RamAbdu/status/1927380008315547878