على أطراف مدينة الخانكة، وتحديدًا في منطقة عرب العليقات المجاورة لسجن أبو زعبل، تقف تلال القمامة شاهدة على مأساة بيئية تتفاقم بصمت، وتهدد حياة عشرات الآلاف من المواطنين.

مقلب مفتوح بمساحة هائلة تصل إلى 40 ألف فدان، يُستخدم منذ سنوات كمكب ومحرقة للنفايات، بما في ذلك النفايات الطبية الخطرة، ليحوّل الهواء والماء والتربة إلى عناصر ملوثة، ويجعل حياة الأهالي كابوسًا يوميًا لا يُحتمل.

 

روائح كريهة.. وأدخنة لا تنقطع

   يصف سكان المنطقة الوضع بأنه "جحيم مفتوح"، حيث لا تنقطع الأدخنة السوداء عن سماء عرب العليقات، فيما تنبعث روائح كريهة تملأ الأنوف وتخترق الجدران والنوافذ، لتستقر في صدور الأطفال والمرضى وكبار السن.

تقول السيدة منى عبدالراضي، من سكان الإسكان الاجتماعي المجاور للمقلب: "أولادي عندهم حساسية مزمنة، وكل يوم بندخل المستشفى، بننام على رائحة حريق ونصحى على دخان أسود خانق، حرام اللي بيحصل فينا".

 

فيديوهات الاستغاثة.. ولا مجيب

عشرات الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر مشاهد مفزعة لألسنة اللهب المتصاعدة من المقلب، وسط مساكن ضيقة مأهولة بالسكان، بينما يسجل المواطنون استغاثاتهم المتكررة من دون أن يتحرك أحد.

يقول أحد الأهالي: "إحنا مش بنطلب مستشفى ولا مدرسة، إحنا بس عايزين نتنفس. مقلب القمامة ده بيحرقنا كل يوم".

 

النفايات الطبية.. قنبلة موقوتة

   اللافت أن المقلب لا يقتصر على نفايات منزلية فحسب، بل تُحرق فيه نفايات طبية شديدة الخطورة، بما في ذلك أدوات ملوثة بالدماء، وأدوية منتهية الصلاحية، ومخلفات مستشفيات، ما يرفع من خطر انتشار الأمراض والأوبئة، وفقًا لتحذيرات أطباء محليين.

 

مطالبات بالإغلاق الفوري

   رغم أن الأهالي تقدّموا بمئات الشكاوى إلى مجلس مدينة الخانكة، ووزارة البيئة، ومحافظة القليوبية، إلا أن الاستجابة – إن حدثت – لم تتجاوز حدود الوعود، بينما تتكدس النفايات، وتتصاعد الحرائق، ويتواصل القتل البطيء.

ويقول أحد سكان المنطقة: "المقلب ده جريمة منظمة، مش بس بنستنشق دخان.. إحنا بنموت بالبطيء، كل يوم طفل يتعب، كل بيت فيه مريض".

 

خطر على المياه الجوفية والتربة

   يحذر مختصون بيئيون من أن استمرار المقلب بهذا الشكل العشوائي قد يؤدي إلى تلوث المياه، وتسمم التربة الزراعية، ما يهدد المنظومة البيئية في القليوبية بأكملها، وليس فقط عرب العليقات.

 

صمت رسمي.. وغضب شعبي

   حتى اللحظة، لم تصدر محافظة القليوبية أو وزارة البيئة أي بيان رسمي يوضح أسباب استمرار المقلب بهذا الشكل الكارثي، أو خطة نقله أو تطويره، ما أثار استياءً واسعًا بين المواطنين الذين يشعرون أن حياتهم لا تساوي شيئًا لدى الدولة.

شاهد:

https://www.facebook.com/share/p/1QUJpYuFAZ