شكك مراقبون في رواية عمرو موسى مع صحيفة الشرق الأوسط السعودية التي تصدر من لندن، والتي أعاد فيها تصحيح ما أورده هو نفسه في مذكراته بشهادات عسكر مصر من عهد عبدالناصر وعهد المخلوع مبارك .
وممن التفتوا إلى ذلك الكاتب فراج إسماعيل الذي أشار إلى قصة حدث واحد حكاها عمرو موسى مرتين باختلاف كبير وأوضح "في حوار سابق مع قناة العربية تحدث عن اجتماع للجامعة العربية كان سيعقد في اليمن وسيسافر إليه، لكنه في الصباح سمع في قناة الجزيرة عن حدوث انفجار في موكب رفيق الحريري في بيروت وإصابته. وبعده حول إلى قناة العربية فتحدثت عن وفاته.".
وأضاف "عكس ذلك في حواره مع غسان شربل في الشرق الأوسط. سمع عن الانفجار أولاً في قناة العربية وحول إلى الجزيرة فتحدثت عن مصرعه.
في قناة العربية قال إنه طلب وزير الخارجية اليمنية أبو بكر القربي وقال له إنه لن يستطيع الحضور إلى اليمن وسيذهب إلى بيروت.
مع غسان شربل قال إنه اتصل بالرئيس علي عبدالله صالح وأخبره أنه لن يستطيع الحضور، وعندما وصل بيروت وجد وزير الخارجية اليمنية سبقه إلى هناك".
وأوضح أنه "مع قناة العربية قال إنه سافر بعد الجنازة إلى دمشق وحصل على وعد من بشار الأسد بسحب الجيش السوري من لبنان وعندما عاد إلى القاهرة، سمع في البي بي سي تكذيب لذلك.. مع غسان شربل قال إنه في السيارة في الطريق من دمشق إلى بيروت سمع في البي بي سي ذلك التكذيب.
فيما تلا ذلك تطابقت روايته للعربية مع روايته لغسان شربل عن سحب القيادة السورية للتكذيب.".
وعن تفسيره لحدوث هذا الاختلاف في رواية شخص واحد هو السيد عمرو موسى؟! رأى أنه ".. سرد روايات كثيرة من ماضيه الدبلوماسي. عمله في وزارة الخارجية والأمم المتحدة والجامعة العربية ولقاءاته مع رؤساء غادروا الدنيا مثل القذافي وصدام حسين ومبارك وغيرهم، وأحداث مر بها.. ما الذي يجعلني أصدق ما يقوله، وما كتبه في مذكراته "كتابيه" واعتبره تأريخًا صحيحًا مع أنه هو نفسه حكى قصة واحدة لا تعود إلى زمن بعيد بوقائع مختلفة؟!".
صيف 2006
ويتداول المتابعون لمنصات التواصل رواية لـ"محمد الفاتح" على فيسبوك تعود لصيف عام 2006، ويبدو أنه ينقل عن د. إبراهيم الزعفراني الذي ينقل بدوره عن الدكتور محمود الزهار، وزير خارجية فلسطين في تلك الفترة، عندما حضر إلى مصر لحضور اجتماع لجامعة الدول العربية.
ويقول "الزعفراني" "عرضت على إخواني بالإسكندرية استضافته في مؤتمر بالإسكندرية لدعم مساعدة أهلنا في القطاع المحتل.. كان ذلك في ظل الحصار المفروض عليه من الدول التي لم تعترف بحكومته ومن الكيان الصهيوني المحتل".
كنت في القاهرة على تواصل مَعه، فـــ تحمسوا لهذا الاقتراح، وتم الإعلان عن مؤتمر شعبي حاشد بنادي نقابة المحامين بدعوة من لجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة أطباء الإسكندرية.. ذهبت إليه في الفندق الذي ينزل فيه وعرضت عليه الدعوة للمؤتمر، فرحب بها، وقال: "لكن يتوجب عليّ بموجب منصبي أن أُعلم المخابرات المصرية بذلك، وسوف أخبرهم أنني لست في حاجة إلى حراسة أمنية خلال هذا السفر، كالتي رأيتها أنت حين دخلت الفندق الآن." وبالفعل، اتصل بهم، ثم طلب مني إعلام محافظ الإسكندرية بحضوره إليها تطبيقًا للبروتوكول السياسي والدبلوماسي."
ويكمل "الزعفراني"، "اتصلت بالزميل حمدي حسن، (رحمه الله) وكان عضوًا بمجلس الشعب المصري عن دائرة كرموز ومينا البصل بالإسكندرية عن جماعة الإخوان، وطلبت منه إعلام محافظ الإسكندرية آنذاك، اللواء عبد السلام المحجوب، الذي رد بالترحيب بحضوره وطلب من حمدي الاعتذار له لأنه ليس لديه وقت لاستقباله بسبب ازدحام جدول أعماله في ذلك اليوم.".
وأضاف "استأجرت سيارة لتنقلنا إلى الإسكندرية، وفي الطريق، حكى لي ما حصل معه في اجتماع وزراء الخارجية العرب في اليوم السابق، وكان الأستاذ عمروموسى آنذاك أمينًا عامًا لجامعة الدول العربية..
قال: "أثناء الاجتماع، فوجئت بالسيد عمرو يوجه حديثه إليّ وسط الحضور وكأنه يكلم أحد تلاميذه عن ضرورة أن تكون حماس واقعية وألا تعيش في أحلام، فأنتم لا تستطيعون تحدي المجتمع الدولي الذي اعترف بدولة إسرائيل، فعليكم الاعتراف بما اعترف به المجتمع الدولي لإنهاء المقاطعة المفروضة عليكم، والرجوع عما تفكرون فيه من استعادة أرض فلسطين من النهر إلى البحر، فالمطالبون بهذا إما أنهم أناس لا يفهمون عالم السياسة والأبعاد الدولية، أو أنهم مجانين." وطالبنا بالقبول الواضح والصريح للمبادرة العربية بالاعتراف بإزرائيل في حال قبولها بحدود ما قبل حرب يونيو 1967.
رد الدكتور الزهار
قال د. الزهار:
"سيادة الأمين العام، لابد أنك درست التاريخ جيدًا وتعلم أنه ما من دولة احتُلت على وجه الأرض إلا وقد أتى عليها يوم تحررت فيه من الاستعمار وحصلت على استقلالها وسيادتها، فلماذا تستثني سيادتك فلسـطين من هذه القاعدة؟!.
لماذا، يا سعادة الأمين، ترغمني على بيع بيتي لأنني طُردت منه بالقتل والتشريد؟!.
أنا لن أبيع بيتي أبدًا، فإن لم نسترده نحن، فسوف يسترده أجيال من بعدنا.
لماذا تُرغموننا على بيع أرضنا؟!.
ثم إن الصهـيونيين، منذ جاءوا إلى وطننا، لم يستقر لهم قرار ولم يهنؤوا بالأمان يومًا من الأيام.
وأكثر من ذلك، وقبل كل ذلك وبعد كل ذلك، إن الله وعدنا بالنصر واسترداد فلسـطين في سورة الإسراء.
فإذا كان رب السموات والأرض قد أخبرنا بذلك، فلماذا نبيع فلسطين إذًا ؟!.
وعد الله حق لا يتخلف، وتحققه مسألة وقت وزمن فقط (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ اول مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا)."
يقول الدكتور الزهار: "حين تحدثت في الاجتماع عن القرآن، أحسست بالحضور ينظرون إليّ كأنني رجل مخبول يعيش في عالم الخيال، مع أنني كنت أحدثهم عن خبر السماء." واستطرد موجهًا قوله للسيد عمرو:
"أما يا سيادة الأمين، بالنسبة لوصفك لنا بأننا مجانين، فهذا وصف ينطبق على كل من بدأ نضالًا وجهادًا لتحرير أرضه وتراب وطنه.
فمن جاهدوا الإنجليز في مدن القناة وغيرها في مصر كانوا مجانين على حد قولك، لقد كانوا يواجهون الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس.
وهكذا، عمر مكرم كان مجنونًا على حد قولك حين قاوم الفرنسيين في مصر، وعمر المختار في ليبيا كان مجنونًا أيضًا حين بدأ نضاله ضد الإيطاليين، والجزائريون، بلد المليون شهيد، كل هؤلاء كانوا مجانين قد دفعوا من دمائهم وتضحياتهم هم وشعوبهم الكثير لينالوا استقلالهم.
وغيرهم ممن بدأوا خطوات التحرير من استعمار قوي باطش، كان الناس ينظرون إليهم وقتها على أنهم مجانين، ولولا هؤلاء المجانين، ما تحررت مصر، وليبيا، والجزائر، وغيرها.
والأفغان المجانين حرروا بلادهم من الاتحاد السوفيتي، وهو وقتها أحد القوتين العظمتين في العالم، والفيتناميين المجانين حرروا بلادهم من أمريكا، أقوى دولة في العالم.
وكل المجانين في العالم هم من حرروا بلادهم من الاستعمار.
يا سيدي، لولا هؤلاء المجانين في عالمنا العربي، لما كنت أنت ولا العديد من السادة الحضور على كراسيهم الآن، ولا كانت لهذه الجامعة العربية وجود أصلًا، يشرفنا، يا سيدي، أن نكون من هؤلاء."
يقول الدكتور الزهار: "وفي نهاية كلمتي، انسحبت من الجلسة، فقام السيد عمروموسى مسرعًا خلفي حتى لحق بي وتحدثنا على انفراد.
قلت: يا سيدي، أريد أن أبلغك أن الذي كان يتحدث معي منذ قليل ليس هو السيد عمرو موسى، إنه شخص آخر لا أعرفه.
فقال لي عمرو موسى: أرجو ألا تسيء بي الظن، فأنا عمروموسى الذي عرفته.
لم أقل ما قلته لك عن قناعة مني إطلاقًا، أنا قلته فقط لأن الحضور غالبهم يتبنون ما قلت، وأنت تعرف ذلك أكثر مني. أرجوك، سامحني، أرجو أن أظل أنا عمر وموسى الذي عرفته."
تعليق الدكتور إبراهيم الزعفراني الأخير: (أتحدث عن رجلين لا يزالان على قيد الحياة، عمروموسى والزهار) .