في مقال نشره موقع ميدل إيست مونيتور، يناقش الكاتـب فرص السعودية في التوصل إلى اتفاق استراتيجي مع الولايات المتحدة دون الحاجة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، رغم الضغوط المتزايدة مع اقتراب زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخليج.

يستعد ترامب لإعلان وصفه بـ"كبير جدًا" قبل مغادرته، مما زاد من التوقعات بشأن تطبيع سعودي إسرائيلي ضمن إطار اتفاقات أبراهام.
لكن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية تعامل السعودية مع هذا الضغط. أولى محطات ترامب ستكون الرياض، لتوقيع صفقة سلاح تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، وهي استثمار ورثه من إدارة بايدن التي سعت لتوسيع اتفاقات أبراهام.

اعتبرت إدارة بايدن التطبيع بين السعودية وإسرائيل "مصلحة أمن قومي"، وطرحت ذلك كوسيلة لفتح ممرات اقتصادية تربط الشرق الأوسط بجنوب آسيا وأفريقيا.
بعد أكتوبر 2023، ازداد الإلحاح، إذ رأت واشنطن في التطبيع أداة لتقييد إسرائيل ومساومتها على هدنة في غزة أو تنازلات للفلسطينيين.

ورغم تغير الإدارات، حافظ فريق ترامب على هذا التوجه. منذ ما قبل تنصيبه، حشد فريقه دعمًا لتوسيع الاتفاقات، وعبّر ترامب عن أمله في ضم السعودية، حتى أنه لمح إلى جائزة نوبل محتملة.
لكن دون دولة فلسطينية، لا ترى السعودية جدوى من التطبيع، خاصة أن غالبية الشعب السعودي ترفض ذلك، وأن الأوضاع في غزة كارثية، والتطبيع يخدم فقط نتنياهو سياسيًا.

لذا، يرى الكاتب أن الرياض ينبغي أن تفصل بين جانبي الصفقة: التحالف الأمني والتعاون النووي والاقتصادي من جهة، والتطبيع من جهة أخرى.
الأول يخدم المصالح السعودية الجوهرية، ويمنحها قدرات نووية مدنية تجعلها في موقع الدول المتقدمة مثل اليابان وألمانيا وكندا – وربما إيران.
أما الثاني، فلا يحقق فائدة استراتيجية.

رغم تعقيد الموقف، توفّر عقلية ترامب القائمة على المعاملات فرصة.
ورغم زعمه الدائم أنه صديق إسرائيل الأكبر، إلا أن قراراته كثيرًا ما خالفت رغباتها.
تفاوض مع إيران، انسحب من شمال شرق سوريا رغم اعتراضات إسرائيل، ووافق على هدنة مع الحوثيين دون الرجوع لتل أبيب.
وزير الطاقة الأمريكي زار الرياض مؤخرًا وأكد تقدمًا في التعاون النووي، لكنه لم يذكر التطبيع، ما يحمل دلالة واضحة.

لاغتنام هذه الفرصة، يجب أن تتعامل السعودية مع ترامب على قاعدة "الربح والخسارة".
يمكنها تعميق الشراكة الدفاعية مع واشنطن، مع الإبقاء على منافسيها – كالصين وروسيا وفرنسا – على مسافة.
الولايات المتحدة لا تزال تعتمد على استقرار سوق النفط، والسعودية تحتاج ضمانات أمنية مقابل المساهمة في تعويض النفط الإيراني.

علاوة على ذلك، يمكن للرياض استخدام نفوذها المالي كورقة ضغط.
منذ 2019، قلصت السعودية استثماراتها المباشرة في الولايات المتحدة بقيمة 5 مليارات دولار، وخفّضت حصتها من الأسهم الأمريكية بنسبة 41٪ في 2024، وبدأت التركيز على أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
إذا أرادت واشنطن عكس هذا الاتجاه، فعليها تقديم دعم واضح للبرنامج النووي السعودي.

عليها أيضًا أن تدرك أن ربط التعاون النووي بالتطبيع سيدفع السعودية نحو شركاء بديلين مثل الصين أو كوريا الجنوبية.
وإذا خسرت أمريكا هذا الدور، فستفقد إشرافها على برنامج نووي متطور في دولة حليفة.

حتى إن أصرّ ترامب على مظهر الإنجاز، يستطيع تقديم اتفاق جزئي دون تطبيع كـ"انتصار تاريخي".
المهم أن تُحسن السعودية التفاوض، وتستفيد من سابقة نجاح اللوبي العربي – في لحظات حاسمة – في التفوق على لوبي إسرائيل.

إذا نجحت الرياض، فستضمن تحالفًا استراتيجيًا مع واشنطن، وتعزز دورها كقوة إقليمية.
والأهم، سترسل رسالة واضحة لتل أبيب: لم تعد محور العالم – ولا حتى محور السياسة الأمريكية.

https://www.middleeastmonitor.com/20250508-a-case-for-a-saudi-us-deal-minus-the-normalisation/