كشفت المفوضية الأوروبية منذ أيام عن قائمة تتضمن الدول التي تعتبرها "آمنة" وقلصت بموجبها فرص منح اللجوء لمواطنيها، وكانت المفاجئة، أن مصر من بين تلك الدول، في ظل انتشار معدل الجريمة والعنف والملاحقات الأمنية.
ويأتي إدراج مصر لقائمة الدول الأكثر أمانا للرعايا الأجانب بعد موافقة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ليدخل حيز التنفيذ، في حين يتم تصنيف مصر من الدول القامعة للحريات، ليؤكد هذا لقرار كيف يحكم عبدالفتاح السيسي قبضته على المصريين وينكل بهم مقابل حماية الأجانب الذين يرتادون البلاد .
تشجيع اللجوء لمصر
وأتى هذا القرار لتشجيع اللاجئين للدخول للأراضي المصرية وربما يعتبر تمهيدا لاستقبال السيسي للاجئين الفلسطينيين، مع سعي ترامب لتلك الفكرة.
وتشمل هذه القائمة "الدينامية" التي قد تسحب منها أو تضاف إليها بلدان وفق تطور الأوضاع كلا من: كوسوفو وبنغلادش وكولومبيا ومصر والهند والمغرب وتونس.
ويهدف هذا الإجراء إلى تسريع معالجة طلبات اللجوء المقدمة من رعايا هذه الدول الذين يهاجرون بأعداد كبيرة إلى الاتحاد الأوروبي، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لا تنطبق عليهم مواصفات اللاجئين، وبالتالي تسريع عملية إعادتهم إلى ديارهم أو استقبال مصر لهم على حساب الشعب المصري.
ووفق مسؤولين أوروبيين، كان ذلك يشجع طالبي اللجوء على استهداف دولة مضيفة واحدة ذات معايير أكثر مرونة دون غيرها.
وإلى ذلك، تسعى المفوضية الأوروبية إلى معالجة هذه القضية من خلال هذه القائمة التي تضم سبع دول، مشيرة إلى أن معظم الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي تستوفي، من حيث المبدأ، "المعايير اللازمة لتصنيفها كدول منشأ آمنة".
انتقادات حقوقية للقرار
ووفق مسؤولين أوروبيين، يشجع القرار طالبي اللجوء على استهداف دولة مضيفة واحدة ذات معايير أكثر مرونة دون غيرها.
وإلى ذلك، تسعى المفوضية الأوروبية إلى معالجة هذه القضية من خلال هذه القائمة التي تضم سبع دول، مشيرة إلى أن معظم الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي تستوفي، من حيث المبدأ، "المعايير اللازمة لتصنيفها كدول منشأ آمنة".
ومن جانبها، وجهت المنظمات غير الحكومية المعنية بحماية المهاجرين انتقادات شديدة للمفهوم الذي قامت عليه هذه القائمة، والتي أهملت الملف الحقوقي لأنظمة تلك البلاد.
هذا، وينبغي أن يحصل هذا الاقتراح على موافقة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ليدخل حيز التنفيذ.
ويبدو الأمر حساسا للغاية من الناحية السياسية والتي تضع تلك البلدان من الدول القامعة للحريات مثل مصر وتونس وقد يثير خلافات بين الدول السبع والعشرين.
كما تطرقت المفوضية الأوروبية في طرحها الجديد الواقع في حوالي أربعين صفحة إلى حالة كل بلد على حدة، لا سيما في ما يخص مصر المتهمة من الأمم المتحدة بـ"اضطهاد" معارضي النظام.
وأقرت بروكسل بأن شخصيات سياسية وناشطين وصحفيين ومحامين يتعرضون للتوقيف في البلد أو هم خلف القضبان.
لكن هذه "الأعمال القمعية لا تصل إلى حد يتيح التكلم عن قمع ممنهج واسع النطاق"، وفق المفوضية الأوروبية، مقابل التخلص من المهاجرين.
وهذه التبريرات لقيت انتقادات لاذعة من منظمات غير حكومية وحقوقية.
زيادة الجريمة في مصر
حوادث يومية متداولة توحي بتزايد معدلات الجريمة في مصر مؤخرًا، تعددت أنواعها ما بين قتل وخطف وابتزاز وسرقة ونصب واغتصاب مختلفة دوافعها وملابسات وقوعها.
لكن السؤال الرئيسي الذي بات مطروحًا: لمَ تستمر تلك المعدلات في الارتفاع رغم القبضة الأمنية الشديدة؟.
ورغم أن أسبابها معقدة ومتعددة الأوجه؛ إلا أن هناك مجموعة متزايدة من الأدلة تشير إلى وجود صلة قوية بين معدلات الجريمة ومستويات الفقر.
فكثيرًا ما يُستشهد بالفقر كعامل رئيسي في إدامة السلوك الإجرامي، وقد يلجأ الأفراد الذين يفتقرون إلى الوصول إلى الموارد والفرص الأساسية إلى أنشطة غير قانونية كوسيلة للبقاء على قيد الحياة.
ووفق مؤشر قياس الجريمة في قاعدة البيانات (نامبيو) خلال عام 2024، فإن مصر احتلت المركز الـ 18 على مستوى الدول الإفريقية في معدلات الجريمة بمعدل 47.3 على مؤشر الجريمة، والمرتبة الـ 65 عالميًا، والثالثة عربيًا؛ بسبب تفشي ارتكاب الجرائم المختلفة.
ارتفاع معدل البطالة
حسب نتائج بحث القوى العاملة للربع الرابع “أكتوبر – ديسمبر” لعام 2023، الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن معدل البطالة وصل إلى مستوى 6.9%، إذ سجّل تقدير حجم قوة العمل 31.101 مليون مواطن، بينما كانت 31.956 مليون مواطن خلال الربع السابق بنسبة تراجع بلغت 2.7%.
فيما سجل مُـعدّل البطالة بين الذكور نحو 4.6% من إجمالي الذكور في قوة العمل، بينما بلغ بين الإناث 17.7% من إجمالي الإناث في قوة العمل.
كما تمثل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية سببًا مهمًا في انتشار جرائم السرقة والنصب، وتأتي في الوقت الذي بلغت فيه نسبة البطالة في مصر نحو 6.9% من
إجمالي قوة العمل، بواقع عدد متعطلين 2.159 مليون متعطل (1.165 مليون ذكور، 994 ألف إناث)، وفق أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كما سجل الجنيه المصري انخفاضًا كبيرًا أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الرئيسية خلال الشهور القليلة الماضية.
انشغال الأمن بقمع المعارضين
وفقاً للتقرير السنوي لمؤشر سيادة القانون، الصادر عن مؤسسة "مشروع العدالة العالمية"، تحتل مصر المركز 136 من أصل 142 دولة، مما يجعلها من بين آخر ست دول في العالم تتذيل القائمة من حيث سيادة القانون.
وبحسب مصدر أمني، فإن ما يعانيه الشارع المصري من ازدحام وفوضى مرورية في أحيان عديدة يخلق بيئة داعمة لانتشار العنف والبلطجة، كما أن الأمن المصري تأثر خلال السنوات الماضية بالانشغال بمهام أخرى، منها انشغال الأمن بملاحقة المعارضين، على حساب انضباط الشارع.
وأضاف أن أكبر العقبات التي تواجهها الأجهزة الأمنية الآن هو انخراط أشخاص جدد غير مسجلين كسوابق في سجلات وزارة الداخلية، وهؤلاء ينخرطون في أعمال البلطجة، التي تنقسم إلى استخدام العنف بالإكراه، كما في السرقات بالإكراه والاغتصاب وغيرها مما يرتبط بالإيذاء.
والنوع الآخر الأكثر شيوعاً يتعلق بتحول الأشخاص العاديين إلى مرتكبي جرائم عنف نتيجة تدني الأخلاق وتأثرهم بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، مشيراً إلى أن هناك أشخاصاً يمارسون البلطجة، لكن دون أن يتم عقابهم قانونياً، مثل "سايس السيارات"، الذي يفرض الإتاوات على ركن السيارات في الشوارع العامة، ورغم أن هناك قانوناً لعمل السايس يتطلب الحصول على رخصة، فإنه لا يتم تطبيقه، بالإضافة إلى ذلك، تبرز عوامل أخرى، مثل تعاطي المخدرات والبطالة ومشكلات الصحة العقلية.
وفقاً لتقرير صادر عن وزارة الصحة في 2018، يعاني 25% من المصريين من مشكلات نفسية، وهي قضية ترتبط بشكل مباشر بالوضع العام.
فشل ذريع في تحسين الأوضاع
اعتبر رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" الباحث مصطفى خضري، أن "المؤشرات الخاصة بأحوال المصريين الأخيرة هي انعكاس للوضع الاقتصادي المزري إضافة إلى تردي الأوضاع الاجتماعية والحقوقية نتيجة سوء الإدارة والتخطيط، كما أنها تعكس حالة الفشل الذريع المستمر في تحسين أوضاع المصريين وسوء توزيع الثروات".
وأعرب عن توقعه أن "تواصل طبقة الفقراء الاتساع حتى تصبح هي الطبقة الأكبر في مصر والأكثر عددا بسبب زيادة عدد الفقراء وضم عدد كبير من محدودي ومتوسطي الدخل إلى الفقراء لأن دخولهم لم تعد تكفي تلبية احتياجاتهم الأساسية بعد أن ارتفعت تكاليف الحياة بشكل لا يمكن تصور قدرة الفقراء على التعاطي معه.
ومع تعويم الجنيه فسيعيش المصريون سنوات أسوأ في ظل حكم النظام والرجل الواحد".
ورأى خضري أن "نظام السيسي غير قادر بعد أكثر من 10 سنوات على تقديم أي وعود جديدة بعد أن حنث في كل الوعود التي قطعها على نفسه، بل إنها جاءت بنتائج عكسية، وكل سنة هي أسوأ من أختها.
وتساءل من كان يتصور أن يرتفع سعر قرص الطعمية (الفلافل) وطبق الفول طعام الطبقات البسيطة أكثر من 1000% في بضع سنين، وانهيار العملة، وارتفاع التضخم إلى أرقام غير مسبوقة، وزيادة الدين المحلي والخارجي إلى أرقام فلكية بسبب حجم المشروعات الفاشلة التي أطلقها السيسي خلال فترة حكمه.