كشف رئيس هيئة الدواء، الدكتور علي الغمراوي، أن سوق الأدوية البيطرية يشهد حالة من الفوضى في ظل غياب رقابة فعالة، ما يُسهم في انتشار الأدوية المغشوشة ومنتهية الصلاحية ويهدد الصحة الحيوانية، بل والعامة أيضًا.

جاءت تصريحات الغمراوي خلال كلمته في فعاليات المؤتمر الثالث عشر لمكافحة العدوى والاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية، حيث أشار إلى أن بيع الأدوية البيطرية يتم بشكل عشوائي في محال غير متخصصة، مثل متاجر الأسمدة والمحال الصغيرة، بعيدًا عن أي إشراف مهني أو رقابي.

وأكد الغمراوي أن الهيئة بصدد اتخاذ إجراءات تنظيمية جديدة لتقنين بيع هذه الأدوية، على أن يُقصر صرفها على الصيدليات البيطرية المتخصصة. وتهدف هذه الخطوة إلى الحد من الاستخدام غير المنضبط للمضادات الحيوية في المزارع، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا بالصحة العامة نتيجة زيادة مقاومة البكتيريا للمضادات، وتلويث البيئة بالمخلفات الدوائية.

أزمة مركبة ومطالب نقابية
من جانبه، أكد الدكتور محمود حمدي، وكيل النقابة العامة للأطباء البيطريين، أن النقابة لم تتلق حتى الآن أي إشعار رسمي من الهيئة بشأن تلك التوجهات التنظيمية، مشيرًا إلى أن القطاع البيطري يعيش أزمة حقيقية في ظل تفشي الفوضى في سوق الدواء.

وأوضح حمدي أن الأدوية البيطرية المغشوشة ومنتهية الصلاحية تُباع علنًا دون رقيب، محذرًا من خطورة ذلك على الثروة الحيوانية، وهو ما ينعكس بدوره على صحة الإنسان من خلال سلسلة الغذاء.

ولفت إلى أن السبب الرئيس في تفشي هذه الأزمة يتمثل في النقص الحاد في عدد الأطباء البيطريين العاملين داخل الجهات الرقابية، مع تقاعس الحكومة عن تعيين الكوادر المؤهلة منذ نحو 18 عامًا. وذكر أن أكثر من 5800 طبيب بيطري ما يزالون خارج سوق العمل رغم حاجة القطاع الماسة إليهم.

وطالبت النقابة بتعيين دفعات جديدة من خريجي كليات الطب البيطري، وإنشاء جهاز رقابي متخصص يكون مسؤولًا عن التفتيش على جميع منافذ بيع الأدوية البيطرية، بهدف وضع حد لانتشار المنتجات المغشوشة التي تُهدد الأمن الغذائي في البلاد.

قرارات مرتقبة بشأن المضادات الحيوية البشرية
وفي سياق متصل، أعلن رئيس هيئة الدواء بدء تنفيذ قرار حظر صرف المضادات الحيوية من فئة "reserve" داخل الصيدليات، إلا بوصفة طبية وتحت إشراف طبي مباشر. وتُعد هذه الفئة من المضادات آخر خط دفاع ضد البكتيريا المقاومة، ولا يجب استخدامها إلا في حالات العدوى المؤكدة.

وأكد الغمراوي أن الهيئة رصدت خلال الفترة الماضية تداول 138 عبوة من مضادات فئة "reserve" دون ضوابط، وهو ما وصفه بـ"ناقوس خطر" يستدعي تحركًا سريعًا. وأضاف أن الهيئة تتجه أيضًا إلى فرض قيود مشابهة على مضادات فئة "watch"، وهي الفئة المتوسطة من حيث مستوى الخطورة.

وتأتي هذه القرارات ضمن خطة وطنية شاملة تهدف إلى مكافحة مقاومة المضادات الحيوية، التي تُعد أحد أكبر التحديات الصحية عالميًا، والتي تهدد بفقدان فعالية الأدوية الأساسية في المستقبل القريب.

خطة تقليل ضخ المضادات الحيوية
وفي وقت سابق من العام الجاري، أعلنت هيئة الدواء عن تقليص كميات المضادات الحيوية المطروحة في السوق المصري، حيث تم ضخ 407 ملايين عبوة في عام 2024 مقارنة بـ 421 مليونًا في 2023. وأوضح الغمراوي أن هذا التراجع يعود إلى خطط الهيئة لتقنين صرف المضادات وتقليل الاعتماد العشوائي عليها، كجزء من الاستراتيجية الوطنية للحد من المقاومة الدوائية.