قرر الملك عبد الله الثاني، بدلاً من تقديم هدية رمزية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اتخاذ خطوة أكثر تأثيرًا: حظر جماعة الإخوان المسلمين في الأردن. هذا القرار أتى في سياق سعي الأردن للحفاظ على الدعم الأمريكي، إذ يُعد من أكبر المتلقين للمساعدات الأمريكية، وترامب سبق أن هدد بقطع هذه المساعدات.

عبد الله اختار الاصطفاف مع الحملة الغربية ضد ما يطلق عليه الإسلام السياسي. وسرعان ما أعادت واشنطن تمويل مشروع أردني ضخم لتحلية المياه بعد حظره. لكن داخليًا، أثار القرار تساؤلات حول مستقبل الاستقرار، خاصة أن الجماعة تنشط رسميًا في البلاد منذ عام 1945.

والده، الملك الحسين، أجاد طوال حكمه موازنة التحالفات الدولية مع ضرورات الداخل، ولم يحظر الإخوان رغم خلافات معهم حول قضايا مثل معاهدة السلام مع إسرائيل.استخدم الحسين الجماعة كصمام أمان في أوقات الأزمات، لما تملكه من قدرة على جمع الأردنيين والفلسطينيين داخل المملكة.

علاقات الحسين مع حماس كانت مرنة، فسمح لهم بمكاتب في عمّان، ورفض اغتيال قادتهم على أراضيه، وأجبر نتنياهو على تقديم ترياق لإنقاذ خالد مشعل بعد محاولة اغتياله.

لكن عبد الله، منذ توليه الحكم عام 1999، بدأ بتقويض الجماعة. أخرج حماس من عمّان، جرّد الجماعة من صفتها الخيرية، وروّج لانشقاق داخلها عبر الاعتراف بجمعية منافسة لها. ورغم ذلك، واصل الإسلاميون إثبات شعبيتهم، وخاصة بعد أحداث غزة في أكتوبر 2023، حين اكتسبوا دعمًا شعبيًا واسعًا، حتى من أبناء القبائل.

خلال الانتخابات البرلمانية، فاز حزب الجبهة الإسلامية بـ31 مقعدًا، رغم الاعتقالات المتكررة لأعضائه. ورغم دعوات إعلامية لحظر الجماعة، فإن هذه الحملات ليست عفوية، بل تبدو موجهة من الأجهزة الأمنية.

داخل المؤسسة الأردنية، يظهر تياران: الأول يرى إسرائيل تهديدًا وجوديًا، ويدعمه وزير الخارجية أيمن الصفدي، محذرًا من ترحيل الفلسطينيين نحو الأردن. والتيار الثاني، الأكثر تأثيرًا داخل المخابرات العامة، يعتبر إيران والإسلاميين الخطر الحقيقي، وهو تيار يرتبط ارتباطًا وثيقًا بوكالة الاستخبارات الأمريكية، التي توفر له تمويلًا سريًا وتشارك عناصرها في مقرات المخابرات بعمان.

حظر الجماعة في هذا التوقيت، تزامنًا مع عيد الفصح اليهودي، يبعث برسائل خاطئة، في وقت تزداد فيه اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، وتُهمّش فيه الوصاية الأردنية على المقدسات.

بينما تُهاجم الأماكن الإسلامية والمسيحية في القدس، يُلاحق عبد الله الإسلاميين في بلاده، ويصمت عن اعتداءات إسرائيل. بهذا، يُضعف دوره ويخسر الغطاء الشعبي الذي كان يحفظ الاستقرار الداخلي.

هذا المسار يفتح الباب أمام حماس أو غيرها لملء الفراغ. وإذا تزايد الغضب الأردني، قد تستخدم التنظيمات هذه الفجوة لانطلاق عمليات من داخل المملكة. إسرائيل ترى في عبد الله ملكًا ضعيفًا يمكن ابتزازه، خلافًا لوالده.

عبد الله يقترب من مصير الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي خسر كل شيء برهانه على واشنطن وتجاهله للمصالحة الداخلية. وإذا استمر عبد الله في تجاهل شعبه، فلن تكون نهاية حكمه مشرقة، ولن يسامحه التاريخ، كما لم يسامح عباس.

https://www.middleeasteye.net/opinion/banning-muslim-brotherhood-placate-trump-jordan-treads-dangerous-path