أطلق رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس تصريحات حادة عبر شاشة تلفزيونية محلية ردًا على ما قاله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن قناة السويس، بحسب ما أورده موقع ميدل إيست مونيتور. وأكد ساويرس أن تصريحات ترامب تكشف جهله بالتاريخ والجغرافيا، بعدما دعا إلى مرور السفن الحربية والتجارية الأمريكية عبر قناة السويس دون دفع رسوم، بدعوى ما أسماه "التعاون الاستراتيجي" مع مصر. وأوضح ترامب أن القناتين، السويس وبنما، لا تدينان بوجودهما للولايات المتحدة.
رفض ساويرس بشدة فكرة المرور المجاني، مشيرًا إلى أن القناة بُنيت بعرق وتضحيات المصريين وتمثل رمزًا وطنيًا لا يمكن التهاون فيه. ورأى أن السماح بمرور السفن الأمريكية دون مقابل سيشجع دولًا أخرى على المطالبة بنفس الامتياز. وأكد أن المصريين يرفضون هذه التصريحات التي لا تحترم السيادة الوطنية، داعيًا إلى توحيد الصفوف الداخلية، معتبراً اللحظة فرصة لرأب الصدع بين الشعب والحكم.
جاءت هذه التصريحات في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد نتيجة سياسات النظام العسكري الذي تولى السلطة منذ عام 2013، بعد انقلاب أطاح بالحكم المدني المنتخب. اختار هذا النظام الاعتماد الكثيف على القروض الخارجية بدلًا من إصلاح الاقتصاد الإنتاجي أو مكافحة الفساد. وبلغ الدين الخارجي لمصر حتى الربع الأول من السنة المالية 2024/2025 حوالي 155.2 مليار دولار، بارتفاع بنسبة 1.5% مقارنة بالربع السابق، رغم تراجعه بنحو 5.7% عن نفس الفترة من العام السابق، وفقًا لموقع "ArabFinance".
وتُقدَّر تكلفة خدمة الدين في عام 2025 بحوالي 22.46 مليار دولار، وهو ما يشكل عبئًا ثقيلًا على الموازنة العامة، ويشمل 13.78 مليار دولار في النصف الأول من العام، و8.66 مليار دولار في النصف الثاني، بحسب بيانات نشرها موقع Egypt Today. وفي محاولة لتخفيف الأزمة، أعلن صندوق النقد الدولي في يناير 2025 صرف شريحة بقيمة 1.2 مليار دولار ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، مع 1.3 مليار دولار إضافية من مرفق المرونة والاستدامة، وفق ما نشرته وكالة أسوشيتد برس.
ورغم هذه التدفقات المالية، لم تنعكس إيجابيًا على معيشة المواطنين الذين يواجهون ارتفاعًا غير مسبوق في الأسعار، وتراجعًا في القوة الشرائية، وتهالك البنية التحتية، بالإضافة إلى انهيار قيمة الجنيه المصري. وتزامن ذلك مع إطلاق مشروعات باهظة التكاليف مثل مشروع "مستقبل مصر" الذي يهدف إلى زراعة 1.68 مليون هكتار من الصحراء بحلول 2027، بتكلفة تفوق 5 مليارات دولار، في ظل أزمة مائية متصاعدة وعجز يبلغ 7 مليارات متر مكعب سنويًا، بحسب تقرير الجارديان.
في هذا السياق، أعرب ساويرس عن قلقه من الخطر الذي يمثله مخطط تهجير 1.5 مليون فلسطيني إلى سيناء، مؤكدًا أن مصر لا تتحمل مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي أو تبعاته، وأنه لا يجوز تحميلها ثمن الجرائم الواقعة على الفلسطينيين. ورفض بشكل قاطع فكرة التهجير أو التوطين، ودعا إلى إعادة إعمار قطاع غزة بعد وقف العدوان الإسرائيلي دون تغيير ديمغرافي.
وأشاد بخطة الدولة المصرية للتعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة، ودعا الولايات المتحدة إلى دعم هذه المبادرة، كما طالب قيادة حركة حماس بإعطاء الأولوية لمصلحة الشعب الفلسطيني الذي يواجه الإبادة، بدلًا من الانخراط في حسابات سياسية لا تراعي مصلحة المواطن الفلسطيني.
في ضوء ما سبق، تعكس تصريحات ساويرس ورفضه لسياسات الهيمنة الخارجية إرادة شريحة من النخبة الاقتصادية الرافضة لتحويل البلاد إلى ساحة تسويات دولية على حساب كرامة المواطنين وسيادة الدولة. كما تفضح تلك التصريحات هشاشة الوضع الداخلي الناتج عن اختيارات سياسية واقتصادية لم تأخذ في الحسبان مصالح الشعب المصري ولا مستقبله.
https://www.middleeastmonitor.com/20250429-egypt-businessman-sends-harsh-message-to-trump-after-remarks-about-suez-canal/