يواصل العشرات من ملاك أراضي منطقتي «الأمل» و«القادسية» بمدينة العبور بمحافظة القليوبية، اعتصامهم المفتوح أمام مقر جهاز المدينة لليوم الثالث على التوالي، اعتراضًا على ما وصفوه بـ«الاستيلاء الرسمي» على أراضيهم الخاصة، والمسجلة بموجب عقود مشهرة في الشهر العقاري، من قبل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التي تطالبهم بإعادة التعاقد وفق شروط جديدة «مجحفة»، أو التنازل عن أجزاء من أراضيهم باعتبارها أصبحت "ملكًا للدولة".

من عقود مشهرة إلى نزع ملكية.. نزاع قديم يتجدد
ترجع جذور الأزمة إلى الثمانينيات، حين طرحت هيئة الاستصلاح الزراعي التابعة لوزارة الزراعة أراضي «الأمل» و«القادسية» للبيع بغرض الاستصلاح الزراعي. غير أن الهيئة عادت وأعلنت في قرارها رقم 116 لسنة 1989 أن الأراضي غير صالحة للزراعة، بسبب طبيعتها الصخرية ونسبة الملوحة العالية بها.

لاحقًا، تحوّل نشاط تلك الأراضي إلى سكني بعد قرار محافظ القاهرة رقم 97 لسنة 1997 الذي ضم المنطقة إلى كردون المباني. ومع تسارع خطط التوسع العمراني، صدر قرار جمهوري في 2009 بضمها إلى مدينة العبور الجديدة، لتبدأ شركات خاصة في بيع الأراضي التي حصلت عليها قانونيًا من هيئة الاستصلاح الزراعي. ويقول سامح ملاك، أحد الملاك المشاركين في الاعتصام: «اشترينا على مرأى ومسمع من الدولة، وبعقود موثقة ومنشورة في الصحف».

قرارات متضاربة: بين التمليك والتفويض القسري
في 2016، صدر القرار الجمهوري رقم 249، الذي ألغي القرار السابق، وأعاد تنظيم المنطقة تحت اسم «العبور الجديدة»، واضعًا كل الأراضي تحت ولاية هيئة المجتمعات العمرانية، مع احتفاظ القوات المسلحة بجزء منها، القرار ألزم الهيئة الزراعية بتسليم جميع مستندات التعاقدات السابقة للهيئة الجديدة، بغض النظر عن أطرافها.

تبع ذلك صدور قرار رئيس الوزراء رقم 720 لسنة 2018، الذي وضع قواعد جديدة لتحصيل «مستحقات الدولة» من المواطنين، أبرزها: التنازل عن الحقوق التعاقدية الأصلية، وتفويض هيئة المجتمعات في إعادة تخطيط وتقسيم الأراضي، مقابل عقود جديدة مؤقتة، لا تكتسب صفة النهائية إلا بعد الموافقة على التخطيط النهائي واقتطاع نسبة من الأرض، يحددها الجهاز المختص.

ويضيف سامح «بيجبرونا نرمي عقودنا المشهرة ونوقع على عقود مؤقتة، ونكتب بإيدينا إننا مش عارفين مكان أرضنا، ومش هنقاضيهم لو حصل خلاف.. ده مش قانون، ده إذعان».

مبالغ ضخمة وشروط «مذلّة» لتقنين الأوضاع
بحسب المعتصمين، يطلب منهم الجهاز دفع مبالغ تتراوح بين 1200 إلى 1750 جنيهًا للمتر لتقنين أوضاعهم، حسب مساحة الأرض، إلى جانب التنازل عن نسب تصل إلى 20% من مساحة الأرض بدعوى استقطاعها للطرق والخدمات، رغم اقتطاع هذه النسبة سابقًا عند الشراء.

كما يشترط الجهاز توقيع إقرار بعدم اللجوء إلى القضاء مستقبلاً، وتسليم أصل العقد المشهر، ما اعتبره الملاك نوعًا من الضغط والإكراه القانوني. ويقول أسامة شعبان، أحد الملاك: «الدولة بقت شريك إجباري في أرض دفعت فيها دمي.. حتى السمسار بياخد أقل».

ويقول أحد منسقي الاعتصام، مضيفًا: «نحن لا نرفض التخطيط، لكن نرفض إلغاء عقودنا المشهرة، وفرض رسوم جديدة وتنازلات دون وجه حق، مضيفاً: «من يضمن ألا تتم مصادرة أراضينا بالكامل لاحقًا؟».

الاعتصام مستمر والقلق يتصاعد
رغم التواجد الأمني الكثيف حول مقر جهاز المدينة، يواصل المعتصمون احتجاجهم السلمي، رافعين لافتات تطالب عبدالفتاح السيسي بوقف ما وصفوه بـ«نزع الملكية المقنّع»، ويهدد بعضهم بتصعيد قانوني عبر اللجوء إلى مجلس الدولة والمحاكم الدولية.

شاهد:
https://www.youtube.com/watch?v=yohWEX5sSyE

https://www.youtube.com/watch?v=Lq5bHRv6zuA

https://www.facebook.com/reel/668376662489486

https://www.facebook.com/watch/?v=582122921560311