نظم العشرات من موظفي البنك الزراعي المصري، صباح أمس الأحد، وقفة احتجاجية أمام الفرع الرئيسي للبنك في حي الدقي، مطالبين بإعادتهم إلى وظائفهم بعد فصلهم تعسفيًا في الفترة بين 2020 و2024، دون إخطار مسبق أو تحقيق قانوني.

وبحسب عدد من المشاركين في الوقفة، فإن قرابة 2000 موظف من فروع وقطاعات مختلفة للبنك تم إنهاء عقودهم خلال تلك الفترة، رغم أن معظمهم كانوا يعملون بعقود عمل غير محددة المدة، ومن بينهم من تجاوزت مدة خدمته عشرين عامًا. وأشار الموظفون إلى أن قرارات الفصل بدأت تتوالى عقب تولي علاء فاروق رئاسة مجلس إدارة البنك في فبراير 2020، ضمن خطة قيل إنها تهدف إلى "تطوير البنك" وتقليص العمالة.

 

قرارات مفاجئة دون سابق إنذار

تروي أمال الطيب، إحدى الموظفات المفصولات، تفاصيل فصلها قائلة إنها كانت تعمل في قطاع الجيزة منذ أكثر من 23 عامًا، قبل أن تتلقى قرار إنهاء عقدها أثناء ممارسة عملها بشكل طبيعي. "كنت غائبة يومين بسبب مرضي، وعندما عدت إلى العمل، طلبتني رئيسة القسم، وعند حضوري تفاجأت بإدارة الشؤون الإدارية تخبرني بإنهاء عقدي دون سابق إنذار".

وتضيف أنها حاولت مقابلة رئيس مجلس الإدارة، وبعد خمس ساعات من الانتظار، التقت به، لكنه واجهها بقول مقتضب: "مش أنتِ اللي رافعة قضية على البنك علشان العلاوة؟"، في إشارة إلى دعوى قضائية كانت قد رفعتها مع عدد من زملائها لضم علاوات مستحقة بنسبة 20%، وحصلوا فيها على حكم قضائي بالتزامن مع قرارات الفصل.

 

سياسة تصفية الموظفين

محمد أبو زيد، موظف آخر تم فصله، قال إن إدارة البنك اتبعت سياسة ممنهجة لتصفية العمالة منذ 2020، متذرعة بأسباب بعضها لا يستند إلى تحقيقات حقيقية. وأوضح أن استخدام ماكينات الصراف الآلي (ATM) الجديدة تسبب في أخطاء فنية نتيجة عدم تدريب الموظفين، واستُخدمت هذه الأخطاء لاحقًا كذريعة لفصلهم.

وأضاف أبو زيد أنه تم التحقيق معه في مخالفة إدارية بسيطة بفرع بلطيم عام 2021، لكنه تفاجأ بقرار فصله بعد نحو عامين، في 2023، أثناء تأديته عمله المعتاد.

وأكد أن بعض الموظفين تم فصلهم بسبب مواقفهم المطالبة بحقوقهم أو انتقادهم للإدارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى واقعة زميل له طُرد بعد أن عاتب الإدارة عبر منشورات على "فيسبوك"، ثم طلب مقابلتهم للشكوى، فرد عليه مسؤول البنك: "أنت هاجمتني على الجروبات، وجاي دلوقت تستغيث؟".

 

مخالفات "مفبركة"

من جانبها، قالت أميرة مصطفى، التي تم فصلها بعد 25 عامًا من العمل بفرع كفر الدوار في قطاع البحيرة، إنها تلقت قرار إنهاء خدمتها فجأة خلال يوم عمل عادي، دون أي سابق تحقيق.

وذكرت أن الإدارة أخبرتها لاحقًا بأن سبب الفصل هو ارتكاب "مخالفة مالية"، حيث كسرت شهادات استثمار كانت مودعة باسمها الخاص، وهو ما اعتبرته تهمة ملفقة، مشيرة إلى أنها كسرت شهاداتها بصفتها عميلة للبنك، وسددت العائد الاستردادي حسب اللوائح، بإشراف زملائها وتوقيعهم.

وتساءلت أميرة: "لو كنت مختلسة كما يدّعون، لماذا لم يحولوني للنيابة؟".

 

معركة قانونية مستمرة

كشف عدد من الموظفين المفصولين أنهم لجأوا إلى القضاء للحصول على حقوقهم، حيث أقاموا دعاوى عمالية طالبوا فيها بإعادتهم إلى العمل أو تعويضهم ماليًا. وقد حصل بعضهم بالفعل على أحكام بالتعويض، فيما لا تزال دعاوى أخرى منظورة أمام المحاكم.

وطالب الموظفون الجهات الحكومية المعنية بسرعة التدخل لإنصافهم، مؤكدين أن أسرهم أصبحت مهددة بعد فقدان مصدر رزقهم الوحيد، رغم سنوات طويلة قضوها في خدمة البنك.

 

دعم حقوقي ومطالبات بالتحقيق

في سبتمبر 2022، أعلنت دار الخدمات النقابية والعمالية، بالتعاون مع لجنة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمل، دعمها الكامل للعمال المفصولين من البنك الزراعي، وطالبت السلطات بالتدخل السريع لإنهاء معاناتهم، والتحقيق النزيه في أسباب فصلهم، وإعادتهم إلى أعمالهم حال عدم ثبوت أي مخالفات قانونية ضدهم.