عادت معدلات التضخم في مدن الجمهورية إلى الارتفاع خلال شهر إبريل الماضي، مدفوعة بزيادة أسعار السلع الأساسية وعلى رأسها الغذاء والسكن والوقود والملابس، في مشهد يعكس استمرار الضغوط المعيشية على المصريين وسط تحديات اقتصادية مزمنة. وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الصادرة أمس السبت، أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية ارتفع إلى 13.9% في إبريل، مقارنة بـ 13.6% في مارس، و12.8% في فبراير، علماً بأنه كان عند 24% في يناير. كما بلغ معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 13.5% مقابل 13.1% في الشهر السابق. وسجل التضخم الشهري زيادة نسبتها 1.3% عن مارس. زيادات متتالية في أسعار الوقود يُعزى جزء كبير من هذا الارتفاع إلى قرار لجنة تسعير الوقود بوزارة البترول برفع أسعار المنتجات البترولية بنسبة تراوحت بين 11.8% و14.8% خلال إبريل، وهي الزيادة الأولى منذ أكتوبر 2024، عندما ارتفعت بعض أنواع الوقود بنسبة وصلت إلى 17.4%. وتؤدي هذه الزيادات بشكل مباشر إلى رفع تكلفة النقل والإنتاج، ما ينعكس لاحقًا على أسعار السلع والخدمات. من الحرب في أوكرانيا إلى غزة: اقتصاد تحت الضغط بدأت مصر تعاني من التضخم الحاد منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، الذي تسبب في انسحاب عشرات المليارات من الدولارات من استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية. وردّت الحكومة بطباعة كميات كبيرة من الجنيه لسد عجز الموازنة، ما أدى إلى فقدان العملة المحلية جزءًا كبيرًا من قيمتها، وصعود معدل التضخم إلى ذروته التاريخية عند 38% في سبتمبر 2023. كما أدّت تداعيات الحرب في غزة إلى زيادة الضغط على الاقتصاد، ما دفع صندوق النقد الدولي إلى توسيع برنامجه مع مصر ليصل إلى ثمانية مليارات دولار. وأعلن الصندوق، الأربعاء الماضي، بدء المراجعة الخامسة لهذا البرنامج، تزامنًا مع زيارة فريق من الصندوق إلى القاهرة. قروض خارجية وصفقات سيادية.. لكنها لا تكفي الاتفاق مع صندوق النقد الدولي جاء بعد صفقة ضخمة أبرمتها مصر مع صندوق أبوظبي السيادي حصلت بموجبها على 24 مليار دولار مقابل تطوير مشروع استثماري على ساحل البحر المتوسط، لكن هذه الأموال لم تؤدِ بعد إلى تحسّن ملموس في مؤشرات معيشة المواطن، أو إلى استقرار فعلي في الأسواق. وفي محاولة لتخفيف حدة التباطؤ الاقتصادي، خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بواقع 225 نقطة أساس الشهر الماضي، لأول مرة منذ نوفمبر 2020، لتصل إلى 25% للودائع، و26% للإقراض. جاء ذلك بعد تراجع معدل التضخم في مارس إلى 13.6%، وهو أدنى مستوى منذ نحو ثلاث سنوات، قبل أن يعاود الصعود مجددًا في إبريل.