قررت الهيئة القومية للأنفاق التابعة لوزارة النقل سداد قيمة صفقة تصنيع 21 قطارًا للمرحلة الأولى من مشروع مترو أنفاق الإسكندرية بالجنيه المصري بدلًا من الدولار، رغم أن التمويل الأصلي مخصص بالعملة الصعبة، وتبلغ تكلفة الصفقة نحو 15 مليار جنيه.

الخطوة التي وُصفت بأنها دعمٌ للصناعة الوطنية، هي في جوهرها انعكاس مباشر للضغوط الخانقة التي يواجهها الاقتصاد المصري في ظل أزمة العملة الأجنبية، والتي أجبرت الدولة على مراجعة أولوياتها المالية والتعاقدية، بما في ذلك مع جهات تمويل دولية كبرى.

من "الدولار" إلى "الجنيه": دوافع اضطرارية
مصدر مسؤول بمجلس إدارة الهيئة القومية للأنفاق، طلب عدم نشر اسمه، قال إن التغيير في عملة السداد جاء بعد اتفاق مع مؤسسات التمويل الدولية، ومنها بنك الاستثمار الأوروبي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والوكالة الفرنسية للتنمية، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.

هذه المؤسسات كانت قد خصصت تمويلاً بقيمة 380 مليون يورو لتوريد القطارات من الخارج، لكن بعد دراسة قدرات شركة "نيرك"، تم إلغاء المناقصة الدولية التي شاركت فيها خمس شركات كبرى – بينها ألستوم الفرنسية وهيونداي الكورية وCRRC الصينية – وتحويل وجهة التمويل إلى المرحلة الثانية من المشروع، التي تشمل الأعمال الكهروميكانيكية.

"نيرك" ستبدأ تصنيع القطارات في النصف الثاني من العام الحالي، في عملية تستغرق نحو 18 شهرًا، وفقًا للمصدر.

أزمة الدولار.. ضغوط تتجاوز قطاع النقل
تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من التحولات التي يشهدها الاقتصاد المصري تحت وطأة أزمة حادة في العملة الصعبة، خلال العامين الماضيين، تراجع احتياطي النقد الأجنبي بشكل ملحوظ، في مقابل ارتفاع غير مسبوق لسعر الدولار في السوق السوداء، ما أثّر على استيراد السلع الاستراتيجية، وسداد الالتزامات الخارجية، وأدى إلى موجات متتالية من التضخم وانخفاض قيمة الجنيه.

اقتصاد هش واحتياطي منهك
تشير تقديرات غير رسمية إلى أن فجوة العملة الصعبة في مصر بلغت قرابة 20 مليار دولار بنهاية 2024، في ظل التزامات خارجية ثقيلة، بينها أقساط ديون وفوائد، وتمويل واردات غذائية ودوائية حيوية. وفي الوقت نفسه، يشهد سوق العملات حالة من الفوضى، مع عودة السوق السوداء بقوة وتزايد الإقبال على الدولار كملاذ آمن، في ظل تراجع الثقة في العملة المحلية.