أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجددًا أن "المفاوضات تجري تحت النار"، في تصريح يعكس موقف حكومته من استمرار الإبادة الجماعية في غزة، معتبرًا أنها وسيلة لتنفيذ خطة إدارة ترامب لإقامة ما يسمى "ريفييرا" في الشرق الأوسط.

وقال نتنياهو: "هذا هو المخطط، نحن لا نخفيه، ونحن مستعدون لمناقشته في أي وقت." كما أضاف أن قادة حماس يمكنهم مغادرة غزة، في تناقض واضح في خطابه، مما يثير تساؤلات حول المنطق السياسي الدولي في التعامل مع هذا الصراع. فوفقًا للمفهوم الإسرائيلي لـ"النقل الطوعي"—الذي هو في الحقيقة تطهير عرقي—يمكن لقادة حماس مغادرة غزة، لكن هل يمكن لأي دبلوماسي أن يعترف بأن الإجبار على الرحيل لا يمكن أن يكون طوعيًا؟ وأن هذا الإكراه يعني أن نسبة كبيرة من الفلسطينيين لن يرغبوا في المغادرة، بغض النظر عن انتمائهم السياسي؟

 

خطة إسرائيلية للتطهير العرقي

في الأسبوع الماضي، وافق مجلس الأمن الإسرائيلي على خطة وزير الدفاع يوآف جالانت لإنشاء هيئة تتولى الإشراف على تهجير الفلسطينيين من غزة. ووفقًا لمصدر لم يُذكر اسمه، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن هذا الكيان "سيخضع للقانون الدولي"، وهي طريقة تستخدمها إسرائيل للتلاعب بالقوانين الدولية.

هكذا، يتم استبدال مصطلح التطهير العرقي بمفاهيم مخادعة تُقدم كأنها إنسانية، بينما تستمر عمليات الإبادة الجماعية بشكل علني.

 

المجتمع الدولي وعجزه عن مواجهة الإبادة

في ظل تسارع تنفيذ المخططات الإسرائيلية والأمريكية، يتضح مدى عجز المجتمع الدولي في التعامل مع الجرائم المستمرة في غزة. ففي عام 2014، عملية الجرف الصامد صدمت العالم، لكن التركيز انصب على إعادة الإعمار بدلاً من مواجهة إسرائيل. وفي عام 2023، الإبادة الجماعية صدمت العالم مجددًا، ثم بدأ التأقلم معها تدريجيًا، واستمر الخطاب الدولي في التركيز على إعادة بناء غزة بدلاً من منع استمرار الجرائم.

حتى عند الحديث عن وقف إطلاق النار، ظهرت التناقضات بشكل واضح؛ إذ تستمر الإبادة، مع وجود تصور لنهايتها المحتملة، رغم أن النتيجة قد تبدو مختلفة لكنها ستحقق نفس الأهداف الإسرائيلية.
على سبيل المثال، لم تُحمّل المفوضية الأوروبية إسرائيل أي مسؤولية مباشرة عن المجازر في غزة.

 

المساعدات الإنسانية: أداة لشرعنة الانتهاكات

أعلنت الاتحاد الأوروبي في يناير 2024 عن حزمة مساعدات إنسانية لغزة بقيمة 120 مليون يورو، وهو مبلغ ضئيل جدًا مقارنةً بالتكلفة اليومية للحرب الإسرائيلية. ففي نوفمبر 2023، قدرت نفقات إسرائيل اليومية على الحرب بـ2.5 مليون دولار، بينما في فبراير 2024، تم تقدير تكلفة إعادة إعمار غزة خلال العقد القادم بنحو 53.2 مليار دولار. كما حذرت الأمم المتحدة من أن قطاع غزة والضفة الغربية سيحتاجان إلى 6.6 مليار دولار على الأقل بحلول نهاية 2024 للمساعدات الإنسانية فقط.

إسرائيل يجب أن تتحمل مسؤولية كل ما تفعله، لكن المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية أيضًا عن تواطئه الصامت. ماذا يمكن أن تحقق 120 مليون يورو أمام حجم الدمار والقتل؟ لا شيء سوى فضح النظام الإنساني كمجرد غطاء لشرعنة انتهاكات القانون الدولي، بل وتبرير الإبادة الجماعية عبر تقديم مساعدات رمزية.

الرسالة الدولية: حياة الفلسطينيين بلا قيمة

بدلًا من التركيز على وقف الإبادة الجماعية، يرسل الاتحاد الأوروبي رسالة واضحة إلى العالم مفادها أن الاعتبارات الإنسانية رخيصة، وأن الأرواح التي يُزعم إنقاذها أرخص منها.

https://www.middleeastmonitor.com/20250401-wasting-time-has-never-been-deadlier-for-palestinians/