منذ فشل الحكومة والجيش الإسرائيلي في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، ركز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إلقاء اللوم على كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين، في محاولة واضحة لصرف الانتباه عن مسؤوليته في هذا الإخفاق غير المسبوق.

ورغم موجة الاستقالات بين المسؤولين العسكريين والأمنيين الكبار – بما في ذلك رئيس الأركان هرتسي هليفي – يرفض نتنياهو باستمرار تلبية المطالب الشعبية بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، مدركًا أن نتائجها قد تؤدي إلى تحميله المسؤولية المباشرة وربما المطالبة بتنحيه.

في الأسابيع الأخيرة، بدأ نتنياهو إعادة هيكلة قيادة المؤسستين العسكرية والاستخباراتية، مستهدفًا تهميش الشخصيات التي يراها معارضة له، وتعيين شخصيات أكثر ولاءً لنهجه السياسي. ومن أبرز هذه الخطوات إقالة مدير جهاز الشاباك، رونين بار، في خطوة اعتبرها كثيرون تصفية حسابات سياسية وليست إجراءً أمنيًا.

يُتهم نتنياهو بأنه منفصل عن الواقع، لا سيما في تعامله مع مفاوضات تبادل الأسرى مع حماس. وقد اتهم مرارًا مسؤولين أمنيين بتسريب معلومات للإعلام بهدف تقويضه، مدعيًا أن هذه التسريبات شجعت حماس على التشدد في المفاوضات.

يتبع نتنياهو أسلوبًا معتادًا: التسريبات الاستراتيجية، والتهرب من المسؤولية، واختبار ردود الفعل الشعبية. ومع ذلك، أصبح الإسرائيليون أكثر تشككًا في روايته. فعقب إقالة هليفي، عين نتنياهو الجنرال أيال زمير، المعروف بميوله السياسية القريبة من رئيس الوزراء.

يواجه زمير الآن تحديًا كبيرًا: إما تنفيذ أوامر نتنياهو السياسية، أو الالتزام بالتقييمات المهنية للمؤسسة العسكرية، مما قد يدفعه إلى إجراء تغييرات جذرية في قيادة الجيش.

أما بالنسبة لرونين بار، الذي كان من المفترض أن يستمر في منصبه حتى عام 2026، فقد تحمل مسؤولية الفشل الأمني بعد هجوم أكتوبر، ليصبح هدفًا لهجمات نتنياهو وحلفائه السياسيين، مما أدى في النهاية إلى إقالته. ومن المنتظر أن تبت المحكمة العليا الإسرائيلية في الطعون المقدمة ضد هذه الإقالة.

كثيرًا ما يُتهم نتنياهو بإدارة "آلة دعاية سامة"، تستخدم لتشويه كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين من أجل طمس الحقائق وإعادة تشكيل السردية العامة. ومع مرور 17 شهرًا على هجوم أكتوبر، لم تُشكل أي لجنة تحقيق رسمية لدراسة أسباب الإخفاق الأمني.

يرى منتقدو نتنياهو أنه يسعى لتقديم نفسه على أنه "الزعيم الوحيد القادر على الصمود أمام الضغوط الدولية"، بينما يصور القيادات الأمنية والعسكرية كعقبات أمام تحقيق أهداف إسرائيل في مفاوضات الأسرى. ولهذا السبب، أقال رئيس الموساد ديفيد بارنيا من منصبه كمسؤول عن فريق التفاوض، وعين بدلاً منه وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الذي يُنظر إليه على أنه مجرد منفذ مباشر لتوجيهات نتنياهو.

إقالة بارنيا أثارت قلقًا واسعًا بين عائلات الأسرى الإسرائيليين، وأحدثت ردود فعل غاضبة في المؤسسة الأمنية، حيث يُنظر إلى الموساد على أنه رمز القوة الاستخباراتية الإسرائيلية. كما أن استبداله بشخصية لا تملك خلفية عسكرية أثار تساؤلات حول كفاءة القيادة الجديدة في التعامل مع هذا الملف الحساس.

وسط هذا التوتر، يتهم كثير من الإسرائيليين الحكومة بأنها تهتم فقط ببقائها السياسي، حتى على حساب أرواح الأسرى المحتجزين في غزة. ومع تصاعد الاستياء الشعبي، يزداد الضغط على قيادات الموساد والشاباك لكشف الحقائق حول إدارة نتنياهو، لكنهم على الأرجح سيلتزمون الصمت.

https://www.middleeastmonitor.com/20250327-netanyahu-continues-to-undermine-israels-security-and-military-establishment/