خارطة ترامب إلى الدولة اليهودية: حلم نتنياهو في قبضة حليف غير موثوق
الخميس 6 فبراير 2025 08:30 م
وصل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة ليكون أول زعيم أجنبي يلتقي بالرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب. هذه الزيارة تأتي بعد هزيمة قاسية في قطاع غزة، وفي وقت يشهد فيه المجتمع الإسرائيلي انقسامًا عميقًا، ليس فقط بسبب فشل الحرب ضد حماس، ولكن أيضًا بسبب محاولات نتنياهو تحويل اللوم عن إخفاقاته إلى جهات أخرى، بما في ذلك المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
تطرح هذه الزيارة تساؤلات حول ما يمكن أن تسفر عنه من نتائج. فنتنياهو شخصية انتقامية، بينما يولي ترامب أهمية خاصة للولاء الشخصي في علاقاته الدبلوماسية. وقد صرح ترامب علنًا أن نتنياهو خان ثقته بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية السابقة، وأنه لن ينسى أو يغفر له ذلك. مع ذلك، يمتلك اللوبي المؤيد لإسرائيل، بقيادة شخصيات مثل مريم أديلسون، تأثيرًا كبيرًا على قرارات ترامب الإقليمية.
لذلك، حتى لو كانت اللقاءات بين ترامب ونتنياهو قد تشهد توترات، فإن ترامب يسعى لإثبات دعمه لمصالح إسرائيل أمام شعبه، مهما كانت مشاكل رئيس وزرائها الداخلية.
من جهة أخرى، الوضع العربي يعاني من الفوضى. بعض الدول العربية المؤثرة في القضية الفلسطينية، مثل مصر والأردن، تعتمد بشكل كبير على الدعم المالي الأمريكي، بينما تعتمد دول أخرى مثل دول الخليج على الدعم العسكري الأمريكي. وفي هذا السياق، تتعاون القيادة الفلسطينية الضعيفة مع الاحتلال الإسرائيلي لمحاربة أبناء شعبها في مناطق مثل جنين بدلاً من التصدي لاعتداءات المستوطنين. ويستمر محمود عباس في مناشدته المجتمع الدولي لحماية الفلسطينيين من الاحتلال، في وقت يتراجع فيه الموقف الفلسطيني على مختلف الأصعدة.
بسبب هذا الوضع المتأزم، يعتقد ترامب أنه يمكنه بسهولة التضحية بالقضية الفلسطينية من أجل تحقيق مصالحه الشخصية. ترامب، الذي يقود سياسة متعجرفة تعتمد على القوة والتهديدات، يحاول التلاعب بالعلاقات الدولية لصالحه.
ومن خلال سياساته، يُظهر ترامب، وفقًا للمقال، كيف يتعامل مع من يعتبرهم ضعفاء. فمحاولاته لاستخلاص 500 مليار دولار من السعودية كشرط لزيارة خارجية، وتهديداته ضد حلفائه مثل كندا والدول الأوروبية، تشير إلى أسلوبه الحكومي المستبد.
أما بالنسبة لما يطمح إليه نتنياهو من ترامب، فيعتقد الكاتب أن هناك ثلاث أولويات رئيسية. أولًا، يسعى نتنياهو إلى مساعدة ترامب في تطبيع العلاقات مع دول مسلمة كبيرة مثل إندونيسيا وباكستان، وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق الهدف الأكبر: تطبيع العلاقات مع السعودية. ثانيًا، يريد نتنياهو من ترامب تعزيز حملة الضغط القصوى على إيران ومعاقبة الحوثيين. وأخيرًا، يسعى لتحقيق حلم إسرائيل الطويل المدى في تحويل فلسطين إلى دولة يهودية من خلال التطهير العرقي للفلسطينيين، ليس فقط من قطاع غزة، ولكن أيضًا من الضفة الغربية.
ومع ذلك، يرى الكاتب أن هذه الأهداف قد لا تكون قابلة للتحقيق على المدى القريب بسبب تعقيد الديناميكيات الإقليمية والتحولات في التحالفات الدولية. لكن، حتى لو لم يتمكن ترامب من تحقيق هذه الأهداف بشكل كامل، فإن التزامه اللفظي قد يمنح نتنياهو نوعًا من الزخم السياسي الداخلي، مما يساعده على تقديم صورة تقدمية لمؤيديه وإبعاد الأنظار عن إخفاقاته في إدارة الأزمات.
الواقع أن سياسة ترامب، التي تتسم بالتحركات المفاجئة والتقلبات، قد تجعل من غير الممكن الاعتماد على وعوده. ففي تاريخ ترامب السياسي، يتم عادة التراجع عن الوعود بعد أن تنقضي فائدتها. لهذا، يرى الكاتب أن تحالف نتنياهو مع ترامب قد ينتهي في نهاية المطاف إلى فشل آخر، حيث سيكون نتنياهو قد راهن على حليف غير موثوق لتحقيق طموحات إسرائيل.
ويختتم المقال بتأكيد أن هذه السياسة التي يسعى ترامب ونتنياهو لتحقيقها هي جزء من تاريخ طويل من الطرد الجماعي للفلسطينيين، وهو ما بدأ منذ العام 1948، مرورًا بنكبة 1967، وصولًا إلى ما يحدث اليوم.
ويشدد الكاتب على أن حلم إسرائيل في تفريغ فلسطين من سكانها، رغم محاولات التدمير والتطهير العرقي، سيواجه صمود الشعب الفلسطيني في غزة، الذي سيظل متمسكًا بأرضه مهما كانت التحديات.
ما يسعى إليه ترامب ونتنياهو يمثل تكرارًا لخطط سابقة لطرد الفلسطينيين من أرضهم، ولكن الشعب الفلسطيني يرفض هذا المصير. مقاومة الفلسطينيين في غزة، وصمودهم في العودة إلى منازلهم رغم القصف والدمار، هو أكبر دليل على أن محاولات محوهم لن تنجح.